07 May 2013 - 19:23
رمز الخبر: 6083
پ
ما بعد العدوان على سوریة
رسا/تحلیل سیاسی- استکمالا للعدوان الصهیونی على سوریة لم تجد المسوخ المستعربة إلا الشماتة والسخریة من النظام السوری وکل محور المقاومة واتهام هذا المحور بالعجز وصرف الکلام والتهدید..هذه المناقشة تسفه منطق الشماتة، فالحساب سیغلق بعد حین ویفتح الستار على انتصار یغیر وجه المنطقة. بقلم عبدالرحیم التهامی.
الغارة الاسرائيلية على دمشق

على عادة الجبناء والذین فی قلوبهم مرض لم یجد المتربصون شرا بسوریة ونظامها الممانع إلا لغة الشماتة بها وبحلفائها وتحدیدا إیران وحزب الله على إثر العدوان الصهیونی الغاشم الذی استهدف مواقع سوریة فی ریف دمشق.
منطق الشامتین یقفز على کل الاعتبارات الاستراتجیة والتکتیکیة، بل وعلى الزمن نفسه لیتهم النظام السوری وحلفائه بعدم القدرة على الرد وبالعجز أمام ضربات الطیران الصهیونی.
ولا یستطیع هؤلاء إخفاء مشاعر الرضا أمام ما تعرضت إلیه سوریة من عدوان غاشم وإعتداء سافر، مع أن الحس القومی إن کانوا عربانا ومعه الحس الدینی إن کانوا من ملة الإسلام یفرض علیهم مواقف الغضب ویستثیر فیهم الحمیّة، فمهما یکن من عداء للنظام السوری؛ فالعدو یبقى (إسرائیل) والأهداف التی نال منها العدوان هی مقدرات للجیش السوری وللشعب السوری، وبالتالی فلا شیء یبرر تقبّل هذا العدوان إلا أن یکونوا متصهینین، والمحکات تکشف فعلا على أنهم کذلک.
قبل الخوض فی مناقشة منطق الشماتة وأصحابه، لا بد من أن نضع العدوان الإسرائیلی فی إطاره کی نفهم أبعاده، فمن جهة التوقیت وربطا بالسیناریو الذی أفصحت عنه مصادر إعلامیة صهیونیة، فإن العدوان جاء لضرب مواقع صاروخیة نوعیة وتعطیلها، وبالتالی توفیر الغطاء الناری والسیکولوجی للمجموعات المسلحة لإنجاح مخطط إسقاط دمشق، وهو المشروع الذی فشل باعتراف مصدر إعلامی صهیونی، تم سحبه لاحقا من باب تجنب إحراج صاحب القرار العسکری الذی برر العدوان باستهداف صواریخ کانت موجهة إلى "حزب الله"، وما یؤکد أن الهدف من العدوان کان هو تعدیل میزان القوة العسکری لصالح المجموعات الإرهابیة التی انهارت أمام الاندفاعة الاستراتجیة للجیش العربی السوری على أکثر من محور من محاور القتال؛ هو أن محاولة اختراق فاشلة للدفاعات الأمامیة حول العاصمة دمشق قد تمت فعلا وفی وقت متزامن مع أصوات الانفجارات والأدخنة المتصاعدة من منطقة جرمایا المستهدفة بریف دمشق.
فشل مخطط العدوان، لکنه کشف عن تنسیق دامغ بین المجامیع الارهابیة وقطعان التکفیریین من جهة والعدو الصهیونی من جهة ثانیة، وبالتالی فنحن أمام انکشاف مدو للمؤامرة التی تتعرض لها سوریة والتی ابى کثیر من الناس تصدیقها، متمسکین بفریة "الثورة" ومحطة "الربیع العربی" الشامیة، مع أن ما یحصل فی سوریة هو حرب معلنة على الدولة والمجتمع من اجل ان لا تقوم لسوریة قائمة ولا ینعقد لها اجتماع على أسس الدولة الوطنیة الجامعة والمقاِومة.
لکن سوریة خیبت کل الحسابات والتقدیرات وعلى صخرتها تکسرت أحلام المستکبرین والمستعربین والتکفیریین والصهاینة، وأضحت دمشق ممسکة بخناق المتورطین فی دمها متحکمة فی مصیر انظمة العار لا یجدون فکاکا بین أن یغرقوا مع ارتدادات فشل مقامرتهم البئیسة، أو أن یتکشفوا ویکشفوا عن طبیعتهم الصهیونیة، وهاهو وفد متابعة مبادرة السلام العربیة المنبثق عن مجلس وزراء الخارجیة العرب یزور واشنطن ویلتقى بوزیر الخارجیة الامریکی جون کیری من اجل تحریک "عملیة السلام" بین الجانبین الفلسطینی والاسرائیلی، فیبادرالوفد الى تقدیم تنازلات مخزیة متمثلة بالقبول بمبدأ تبادل الاراضی وادخال تعدیلات على المبادرة العربیة، وها هو مفتی الناتو یبلغ به الیأس والخیبة فتسقط منه ورقة التوت وهو یدعو وعبر خطبة الجمعة بالدوحة إلى تدخل کل القوى الاستعماریة فی سوریة؛ أمریکا وبریطانیا وفرنسا وإیطالیا..
أما عن عدم الرد، حسب توصیف البعض، فتجدر الاشارة أولا إلى أن المؤامرة الدولیة على سوریة اقتضت توحیدا للموقف والقرار العسکری والسیاسی على صعید کل محور المقاومة، مع هامش للتشاور مع الحلیفین العتیدین؛ روسیا الاتحادیة والصین. ولیس هناک من یستخلص هوانا أو ضعفا فی مواقف محور المقاومة وقدراته الهائلة، بحیث یسمح له ذلک بأن یتصور أن المیدان بات مفتوحا أمام العربدة الإسرائیلیة، بل بالعکس فقد کان القرار قاطعا وحاسما - قبل أیام- على لسان السید حسن نصر الله لن تسقط دمشق ولن تتحول سوریة الى المعسکر الامریکی الصهیونی، وهو نفس الموقف الذی أعلنته القیادة الایرانیة؛ لن نهادن أی تدخل أجنبی فی سوریة ومستعدون للحرب من أجل ذلک.
وکما هو معروف فی العلم العسکری، فإن التحکم فی قرار الحرب وساحتها هو من شروط النصر، على خلاف الرد المتسرع الذی هو وقوع  فی الاستدراج الذی خطط له العدو، فیغدو الامر کمن یذهب إلى کمین بعینین مغمضتین.
لا نشک فی أن العدوان الأخیر على سوریة قد خضع لتقدیر موقف فی وقت قیاسی جدا، وتم تحدید الأهداف والرهانات والرسائل منه، وبناء على ذلک اتخذ قرار لن یکون فی دائرة التداول طبعا، لکنه جاء فی لغة مشفرة حین قال وزیر الإعلام السوری، عمران الزعبی، عقب اجتماع طارئ للحکومة،" إن الهجوم الإسرائیلی یفتح الباب أمام کل الخیارات"، ووحدهم الأغبیاء یتساءلون عن الزمن.
لن یُغلق الحساب بالصمت، أو ببلع المهانة، وبعض الرد سیکون فی الداخل عبر استکمال عملیة التطویق والتطهیر للبؤر التی یتجمع فیها الارهابیون، وبتحویل المؤامرة الدولیة التی استهدفت سوریة طوال أزید من عامین، إلى مشکلة أمنیة قابلة للانحسار مع الزمن.
اما غلق الحساب فسیأتی حتما مع تداعیات انتصار سوریة المحتوم وبتغیر المعادلة فی المنطقة ما سیقود إلى سقوط کلّ الخاسرین الذی سیؤدی سقوطهم إلى غرق العربة الصهیونیة فی بحر الأوهام والحسابات الخاطئة "..ویومئذ یفرح المؤمنون بنصر الله..".
 

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.