
عندما یتحدث الإمام السید علی الخامنئی عن متابعة مراکز القرار الدولی للإنتخابات الإیرانیة، کما جاء ذلک الیوم فی کلمته أمام أبناء بعض المحافظات الإیرانیة؛ فإن ذلک یندرج فی إطار التأکید على ثلاثة حقائق کبرى وهی أن إیران تحولت إلى قوة إقلیمیة کبرى تهتم کل الأ
طراف بمجریات انتخاباتها دون القدرة على التکهن بنتائج هذه الانتخابات، وینبع هذا الاهتمام من کون مؤسسة الرئاسة فاعلة على صعید الملفات الخارجیة الکبرى کالملف النووی الإیرانی، والعلاقة بالغرب، وملف المقاومة فی المنطقة.
النقطة الثانیة وهی أن هذا الاهتمام لا یتسم بمواقف الحیاد، بل تسعى القوى المعادیة فی التشویش على الإستحقاق الانتخابی إما لإرباکه، او للتأثیر فی مجریاته وذلک عبر الضخ الإعلامی، أو عبر بعص أدواتها المحلیة.
أما النقطة الثالثة فهی أن جزءا من هذا الاهتمام هو فی الواقع أقرب إلى حالة التربص بمنطقة انکشاف یمکن أن یستغلها العدو، ومنطقة الانکشاف هذه التی یترصدها العدو منذ سنوات طویلة وبلا کلل، هی إما تراجع فی نسبة المشارکة الشعبیة فی الإنتخابات بما یحمل ذلک من دلالات سیاسیة یراهن العدو على استثمارها فی ضرب النظام الإسلامی، أو بروز حصان طروادة ضمن المترشحین لغایة الرهان على المرشح أو حتى على التیار الذی ینتمی إلیه فی أفق اختراق الساحة السیاسیة الإیرانیة.
وهناک مفارقة کبرى فی هذا الاهتمام الغربی بالانتخابات الإیرانیة ومعه اهتمام الجوار الإقلیمی، ففی التقدیر الغربی فإن إیران تعیش نظاما ثیوقراطیا خاضع لسلطة ولایة الفقیه بما یجعلها بموجب هذا التقدیر الغربی خارج السیاق الدیمقراطی، لکن هذا الاهتمام یفضح هذه المزاعم التافهة، لأنه لو کانت مؤسسة الرئاسة من دون صلاحیات فعلیة وتقریریة فکیف یمکن للغرب أن یفسر کل هذا الاهتمام بانتخابات إیران ولماذا یحاول التأثیر على الرأی العام الإیرانی من خلال انحیازه لبعض المرشحین؟!
والحقیقة أن إیران استطاعت أن تقدم تجربة فی الدیمقراطیة قلّ نظیرها، وبالعودة إلى انتظام الإنتخابات التشریعیة والرئاسیة، وبالنظر إلى عدد الإستفتاءات التی أجرتها إیران منذ انتصار ثورتها الإسلامیة فسنجد أن نظام الجمهوریة الإسلامیة هو من الأنظمة القلیلة فی العالم الذی اعتمد منذ قیامه على الإرادة الشعبیة بل وتمکن من تطویر هذه الإرادة وتحویلها إلى قول فصل فی کل المنعطفات والإستحقاقات السیاسیة.
ولعل منطقة الإلتباس المزعوم فی دستور الجمهوریة الإسلامیة کما فی سیر عمل المؤسسات الدستوریة، والتی یعتمد علیها العدو فی حربه الدعائیة ضد النظام الإسلامی فی إیران، هی تلک المتعلقة بسلطة الولی الفقیه وصلاحیاته ضمن جدل العلاقة بباقی السلط وتحدیدا السلطة التنفیذیة. وهذا الأمر یقتضی توضیحات قویة من قبل الإعلامیین والمتخصصین فی القانون الدستوری ضمن خطة إعلامیة تعرّف بخصوصیة النظام السیاسی فی الجمهوریة الإسلامیة فی إیران وبفرادة دیمقراطیتها الدینیة.