17 June 2013 - 19:00
رمز الخبر: 6276
پ
رسا/آفاق- فی تاریخنا اقترفت أمة منا قتل ابن بنت نبیها، وفی تاریخنا أن أمة رضیت بذلک ولاتزال تترضى على یزید..وفی تاریخنا تقتدی جموع من الناس بأئمة الضلالة وهم یطلبون رأس المقاومة...بقلم عبد الرحیم التهامی
السيد حسن نصر الله

 

..فنادى بأعلى صوته فقال : أنشدکم الله ، هل تعرفوننی ؟ قالوا : نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه ! ..فأنشدکم الله ، هل تعلمون أن هذا سیف رسول الله(ص)، وأنا متقلده؟ قالوا: أللهم نعم ! قال: فأنشدکم الله ، هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها ؟ قالوا : أللهم نعم..


وفی خطبة أخرى قال: أفتشکون أنی ابن بنت نبیکم؟! فوالله ما بین المشرق والمغرب ابن بنت نبی غیری فیکم ولا فی غیرکم، أنا ابن بنت نبیکم خاصة.ویحکم,,


هو الحسین بن علی (ع) إمامُ للأمة بنص حدیث رسول الله (ص) ومع ذلک قتلوه، لا عن شبهة فی نسبه او ذهول عن مقامه ومرتبته، أو أنهم یطلبوه عن قتیل منهم قتله او مال لهم استهلکه او بقصاص من جراحة.. حاشاه، بل لأنه جسد الحق المحض فبرز إلیه الباطل المحض، والخسة التی لا نظیر لها فی التاریخ والسفالة التی بلا قاع..والعمى الذی یهوی بأهله إلى الدرک الأسفل من الحقارة الوجودیة..
قالوا : قد علمنا ذلک کله ، ونحن غیر تارکیک حتى تذوق الموت عطشا !


هذه صورة قاتمة من التاریخ لم ولن تمحى، وموقف من مواقف الخزی یلحق به وعبر التاریخ کل من لم یذرف الدمعة ویتحسر قلبه وهو یتبرأ من الجریمة "اللهم إنی أبرأ إلیک مما فعله الظالمون بابن بنت نبیک".


فی مشهد کربلاء تواجهت الأضداد والمتغایرات على غیر نصاب من الشراکة فی أیة قیمة من قیم الأخلاق والدین والإنسانیة .. فی معسکر الحسین علیه السلام إیمان وشجاعة وعنفوان وعزة وافتداء..وفی معسکر البغی انسلاخ من الدین ومن أخلاق الجاهلیة وأعرافها، وتحلل من کل وشیجة تصل بعنوان البشر وما استودع الله فی جبلّتهم من ممکنات التسامی وقابلیاته..فلأنه الحسین کمالا انسانیا مطهرا ومصوغا على کمالات النبوة ونفحاتها (حسین منی وأنا من حسین)، استثار فی الخط المقابل کل الدناءة والخسة الوجودیة المتعفنة ما لها من قرار فی ظلماتها..فسعت إلیه لتلغیه وتهدره.

 

ولأن التاریخ حین یؤرخ للجریمة التاریخیة فهو فی الآن نفسه یؤرخ لممکنات البشر الأخلاقیة تسامیا وتسافلا..فی السؤال الفلسفی المجرد هل یمکن لأمة أن تطفىء النور الذی استنقذها من الظلمات کی ترتکس إلى ظلمات أشد؟ یبدو السؤال صعبا لأنه فی تاریخ الفلسفة تعد شرارة النور المنبعثة من اصطکاک حجرین أول لحظة معرفة فی تاریخ البشریة، لکن جوابه فلسفیا یمکن أن یصاغ کالتالی.. ممکن إذا أعدم العقل وتعطل شیء جوهری فی الانسان اسمه القدرة على التسامی.


لکن التاریخ وخصوصا تاریخ الأدیان یصدم وجدان الأسویاء بفظاعات لا تطاق من قبیل أن رأس نبی الله یحیى بن زکریا أهدی إلى بغی من بغایا بنی إسرائیل، یحیى الذی جاء وصفه فی القرآن (.. وَآتَیْنَاهُ الْحُکْمَ صَبِیًّا ١٢ وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَکَاةً وَکَانَ تَقِیًّا ١٣ وَبَرًّا بِوَالِدَیْهِ وَلَمْ یَکُن جَبَّارًا عَصِیًّا ١٤ وَسَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَیَوْمَ یَمُوتُ وَیَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا).


ولا نعجب الیوم من أن یتجاسر مفتی الناتو وإمام الضلالة على سید المقاومة السید حسن نصر الله، وأن یکرس فی کل إطلالته الشیطانیة حیزا من الشتم والنیل من سید المقاومة ومن حزب الله..ولا عجب من أن یستسهل کل دعی ونکرة متسربل بلباس العلماء التهجم على السید نصر الله وعلى المقاومة التی حررت الأمة من عقدة الهزیمة وأعادت لها کرامتها وعزتها..


هذه الهجمة الإعلامیة على الحزب والسید هی فی جزء منها تنفیس عن احتقان القلوب المریضة التی استکثرت على الحزب (الشیعی) أن یهزم الجیش الذی لا یهزم وأن تتکسر على جبهة صمود مقاتلیه خرائط الشرق الأوسط الجدید.. ماتوا من الغیظ المکتوم، ولم یملکوا وأمام الشعوب إلا أن یتظاهروا بمناصرة الحزب وهم یتربصون به شرا، فما أن بادر الحزب على إجهاض مؤامرة تیار المستقبل فی ما عرف بأحداث السابع من أیار 2008 حتى نضحت القلوب بما انطوت علیه من غل وأحقاد، وحتى قبل ذلک التاریخ کنا نرى کیف تنخرط عمائم الخیانة عن خسة فی مشروع فیلتمان لتشویه صورة المقاومة والسید حسن نصر الله. وما نقموا من الحزب إلا أنه انتصر على (إسرائیل)!!


ولأن مقاومة بهذا التمیز وبهذه الإنجازات وبهذا المستوى العالی من الانضباط والسمو الأخلاقی والرفعة، فمن طبیعی أن تفضح نقائضها، أو بالأحرى فإن نقائضها لا تملک إلا أن تسفر عن حقیقتها وهویتها، ولا تطیق المداهنة طویلا حتى تسقط عنها الأقنعة. وهذا عین ما نراه على مسرح الجذبة الصوفیة الزائفة حیث تحشد السکاکین لطعن المقاومة فی الظهر باسم عشق کاذب لأرض الشام ولشعب سوریا..وکأن فلسطین لیست من الشام بل فی کوکب آخر!


وبالعودة إلى التاریخ، فإنه فی محصلة تصادم المتناقضات والمتغایرات فإن الحسین (ع) بقی وسیبقى صفحة بیضاء فی سجل التاریخ ومدرسة للثوار والاحرار، ومن حاربه تختزلهم لعنة الله والناس والتاریخ..(..ألا لعنة الله على الظالمین).


اما عن مآلات هذه الهجمة الشرسة وهذه الحرب المعلنة على حزب الله وأمینه العام السید حسن نصر الله، فلن تنال من المقاومة شیئا بل هی تقوم فقط بتعریة معسکر المنافقین والمتأمریکین وتفضح ممکناتهم الأخلاقیة والدینیة. بل إن هذه المقاومة وهی تمحص بکل هذا البلاء ؛وهی بعین الله؛ ستزداد علوا ومجدا وتألقا، ولعل ذلک من بشائر النصر القریب..
(..فَأَمَّا الزَّبَدُ فَیَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا یَنفَعُ النَّاسَ فَیَمْکُثُ فِی الأَرْضِ ۚکَذَٰلِکَ یَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ).

 

 

 


 

الكلمات الرئيسة: المقاومة الهجمة على
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.