
کانت الضاحیة تتحسب لمثل هکذا تفجیر، وهی التی استهدفت بتفجیر سیارة فی مرآب للسیارات قبل أکثر من شهر، وفی هذا السیاق تم تشدید الإجراءات الأمنیة فی الضاحیة وعلى مداخلها، لکن الخرق حصل وهذا أمر وارد کلما کانت هناک جهات دولیة ترعى العمل الإرهابی وتدعم خلایاه التکفیریة، فضلا على أن طبیعة العمل الأمنی تکمن فی الحد من الخروقات ولیس إحباطها جمیعا، وهذا ما یجعلنا نعتقد أن الإجراءات إیاها کان لها دور مؤکد فی تضییق هامش الحرکة والمناورة أمام المجموعة التی نفذت المجزرة عبر التفجیر الانتحاری الذی ضرب منطقة الرویس فی الضاحیة وهی تتهیأ للاحتفال بالذکرى السابعة للإنتصار الکبیر على العدو الصهیونی.
ولا یمکن عزل جریمة التفجیر بالضاحیة أمس الخمیس عن مجمل التدابیر والاجراءات العقابیة والتحریضیة ضد حزب الله إقلیمیا ودولیا، فهناک بیئة ضاغطة یراد تخلیقها واخضاع حزب الله لإکراهاتها؛ کمقدمة لضربه وسحقه، والعمل جار منذ مدة لیست بالقصیرة على تکثیف العامل المذهبی والطائفی کأسلوب یلتقی فی منتصف الطریق مع الحسابات الإسرائیلیة للانتقام من حزب الله.
ومن هنا فإن تفجیر الضاحیة لا یمکن فهمه على أساس أنه یندرج فی إطار الانتقام من الحزب على خلفیة دوره العسکری فی سوریة، بل الهدف وبالنظر إلى الجهة او الجهات الدولیة المتورطة فی التفجیر تتجاوز ذلک إلى استدراج الفتنة المذهبیة، وتطویق المقاومة واستنزافها عبر الحرب المذهبیة.
والذین استهدفوا الضاحیة یدرکون أن الصور المروعة للمجزرة قد تخرج جمهور المقاومة عن طوره وتدفعه إلى بعض ردود الأفعال غیر المحسوبة، هذا إذا ما أضیف لها مشاهد الابتهاج وتوزیع الحلوى؛ المقززین؛ فی منطقة "الطریق الجدیدة" ببیروت کما فی بعض مناطق عاصمة الشمال طرابلس.
لقد أبان جمهور المقاومة عبر محطات صعبة وقاسیة عن حس عال من المسؤولیة وعن انضباط مقدّر لقیادة المقاومة وتوجیهها، وهذا هو المتوقع منه بعد مجزرة الضاحیة، والتی قد لا تکون الأخیرة لا سمح الله..فقد تمکنت ثقافة الکراهیة من فئات واسعة من الأمة، وتقدم الدجالون مواقع التأطیر الدینی وانتشرت منابر الضرار فی أکثر من ساحة وأکثر من بلد وغمرت الأفق خفافیش الظلام منذرة بالدم والخراب..
وإن کانت مجموعات فی بعض مناطق لبنان؛ الضالة والمنحرفة والمارقة عن الدین والإنسانیة قد انتشت وهی ترى تساقط الابریاء بین شهید مقطع الأوصال وجریح غائر الجراح؛ فی ذکرى الانتصار على العدو الصهیونی وأطلقت الرصاص فی الهواء فرحا بالإنجاز التکفیری العظیم ووزعت الحلوى، فإن کثیرین شاطروهم نفس الإحساس أو شارکوا المجرم فی جریمته بصمتهم وعدم إدانتهم.
حصلت المجزرة بالأمس الخمیس فی 14 أغسطس الذی یسجل للمقاومة اعظم انتصار على (إسرائیل)،وهاهی الضاحیة الیوم؛ الجمعة؛ تعض على الجرح وتحتفل بذکرى أعظم انتصار وتوزع الحلوى احتفاءً بالنصر الالهی العظیم، وهی تعلن أن العدو هو (إسرائیل)، وأن لا حرب مذهبیة فی الافق مهما حاول المعتهون القتلة، لکن خدم (إسرائیل) والأدوات الرخیصة فی حربها على الإسلام وعلى المقاومة لن یفلتوا من العقاب./