11 September 2013 - 20:48
رمز الخبر: 6762
پ
الباحث یوسف متوسلیان:
رسا/ حوارات ـ تطرق معاون دائرة التبلیغ والتعلیم التطبیقی فی حوزة محافظة فارس العلمیة إلى شرح مکونات الجامعة الإسلامیة ومعاییرها، وبیان النشاطات العلمیة والسیاسیة فی عهد الإمام الصادق (علیه السلام) .
مدرسة الإمام الصادق (علیه السلام) أرقى جامعة إسلامیة
  إن الافتخار بعلماء الشیعة وطموحاتهم یرافق دوماً طلاب مدرسة الإمام الصادق (علیه السلام) الذی أسّس فی حیاته المبارکة أکبر جامعة إسلامیة، وشیّد منابرها العلمیة على الترویج للعلوم الإسلامیة العقلیة والنقلیة .
مراسل وکالة رسا للإنباء أجرى فی  هذه المرة حواراً بمدینة شیراز مع حجة الإسلام یوسف متوسلیان معاون دائرة التبلیغ والتعلیم التطبیقی فی حوزة فارس العلمیة وعضو مجلس تبلیغ محافظة فارس، تحدّث فیه عن الجوانب العلمیة لعصر الإسلام الذهبی فی إمامة زعیم المذهب الشیعی الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیهما السلام) .
یجدر التنویه إلى أن حجة الإسلام متوسلیان باحث حوزوی ألف وترجم حتى الوقت الحاضر عشر مقالات تقریباً فی موضوعات دینیة وثقافیة .
رسا ـ ماهی الخصائص السیاسیة فی عهد إمامة الصادق (علیه السلام) ؟
أشرفت السلطة الدکتاتوریة الأمویة المستبدة بعد (91) عاماً من الحکم على حافة الهاویة سنة (132هـ)، وتقوضت أرکانها بعد مقتل مروان بن محمد (126ـ 132هـ)، فبدأ الحکام العباسیون دولتهم الاستبدادیة الجدیدة . وفی هذه الأجواء التی وصلت فیها التناحرات السیاسیة بین بنی أمیة وبنی العباس إلى ذروتها أنشأ الإمام الصادق (علیه السلام) برؤیته الخاصة النهضة العلمیة الثقافیة الشیعیة، وشیّد الجامعة الجعفریة العلیا؛ حیث استثمر الفرصة المؤاتیة وأسس حوزة علمیة عظیمة، وحفّ به مریدو العلوم الجعفریة فی مدة قصیرة .
ولد الإمام الصادق فی یوم الجمعة السابع عشر من ربیع الأول سنة (83هـ) فی المدینة المنورة، وبعد (65) عاماً من الإشعاع على المجتمع الإسلامی استشهد سنة (148هـ)، وکان له أطول عمر من بین جمیع الأئمة المعصومین (علیهم السلام) .
یعد عصر الإمام الصادق (علیه السلام) والمرحلة الزمنیة التی عاشها من أکثر مراحل التاریخ الإسلامی تخلخلا واضطراباً من الناحیة الفکریة والسیاسیة؛ حیث شهدت انتفاضات وثورات دمویة فی أنحاء متفرقة من الأراضی الإسلامیة قامت بها بعض مجامیع المسلمین تحت شعار الأخذ بثأر الإمام الحسین (علیه السلام) وشهداء کربلاء، کما حدث فی انتفاضة أبی سلمة فی الکوفة، وأبی مسلم فی خراسان التی تشتمل الآن على أفغانستان الحالیة وکثیر من المناطق الأخرى، مما أدى فی نهایة المطاف إلى تزلزل أعمدة الحکم الأموی المشؤوم وانهیاره، حیث تمکن بنو العباس ـ فی خضم  تلک الاضطرابات ـ من وضع نهایة لحکومة الألف شهر لبنی أمیة، وتناوش زمام السلطة والحکم .
ذلک من جهة، ومن جهة أخرى یعد عصراً لتصادم المدارس والفلسفات والعقائد المختلفة التی نشأت إثر سلسلة الفتوحات الإسلامیة لبلدان العالم، مما شکل تهدیداً کبیراً یفضی بحق إلى انقسام الکیان الإسلامی لو طوقته أذرع الغفلة وعدم الاکتراث، غیر أن الإمام الصادق (علیه السلام) حوّل التهدید المذکور إلى فرصة إیجابیة استحدث فیها نشاطات علمیة وثقافیة لمواجهة الأفکار الضالة والمدارس الترکیبیة .
المیزتان السابقتان أهم ما اتسم به عصر الإمام السادس مقارنة بالمراحل الزمنیة لبقیة الأئمة المعصومین، فقد اصبحتا أرضیة للشروع بأعمال علمیة وثقافیة، ولتعزیز الأسس الدینیة من قبل الإمام الصادق (علیه السلام) الذی تمکن فی هذا المجال من إعداد وتربیة ما یقرب من (4000) طالب علم، والإجابة عن الشبهات الفکریة والدینیة، وبهذا غدت رکائز الدین الإسلامی أکثر قوة وثباتاً، وأثمرت جهوده ونشاطاته العلمیة تراثاً نفیساً فی مختلف العلوم وصلنا کإرث خالد نعتز به .
ومع الأسف لم تستمر هذه المرحلة المزدهرة والنشاطات العلمیة للإمام الصادق (علیه السلام)، ففی آخر حیاته الشریفة ـ حیث ترسخت أصول السلطة العباسیة ـ اتبع حکامهم النهج الأموی المستبد ذاته، وضیّقوا الخناق على الأئمة المعصومین (علیهم السلام)، وکانت نتیجة الضغوط والقمع السیاسی أن جرّعوا الإمام الصادق (علیه السلام) ظلماً کأس الشهادة، وأن ألقوا بالإمام الکاظم (علیه السلام) فی غیاهب السجون لأمد طویل . وهنا أشیر إلى حدیث نفیس عن الإمام الصادق ورد فی مستدرک الوسائل [الجزء 12، الصفحة 172، الحدیث 15] نقلا عن القطب الراوندی فی لب اللباب: سئل الصادق (علیه السلام): على أی شیء بنیت عملک؟ قال: على أربعة أشیاء: علمت أن رزقی لا یأکله غیری فوثقت به، وعلمت أن علی أموراً لا یقوم بأدائها غیری فاشتغلت بها، وعلمت أن الموت یأخذنی بغتة فاستعددت له، وعلمت أن الله مطلع علیّ فاستحییت منه .
 
رسا ـ هل یمکن تسمیة عصر الإمام الصادق (علیه السلام) بعصر تدوین العلوم الشیعیة العقلیة والنقلیة ؟                 
نعم، وبالطبع فقد شهد زمان وعصر الإمام الصادق (علیه السلام) استحداث الجامعات والمدارس الدینیة، وتربیة وإعداد طلاب أقویاء، ودراسات علمیة فی علوم اللاهوت والسیاسة وغیرهما، والتنویر العلمی والمنطقی لصادق آل محمد (صلى الله علیه وآله)؛مما تسبب فی شدّ أسس الدین الإسلامی وجعلها أکثر قوة وصموداً، وعمد کذلک إلى ذکر الأحادیث والروایات الصحیحة لإثبات أحقیة المذهب الشیعی والخلافة المباشرة للإمام علی (علیه السلام).
لم یکن الإمام الصادق (علیه السلام) فقیهاً وعالماً دینیاً فحسب، بل إمام الفقهاء المعظم، ودلیل الفلاسفة الکبیر، وأستاذ جمیع المتکلمین والعلماء بمختلف تخصصاتهم، وکان فی الوقت ذاته مثالاً سامیاً بین الزّهاد والعبّاد یقتفون آثاره، کما یدل تراثه بنحو کامل على هذه الدرجات الرفیعة، ویقود إلى أنه معجزة ربانیة، فحیاته فی الحقیقة جهاد مستمر ومتواصل فی سبیل نشر مبادئه العلمیة والأخلاقیة، وقد بذل له غایة جده وسعیه .
ذکر الدکتور کامل مصطفى الشیبی فی أحد کتبه أن التحقیق فی حیاة الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) یکشف عن أن الناس نسبوا إلیه جمیع علوم زمانه ومعارفه؛ وذلک لغزارة علمه، والتفاف أکثر طلاب العلم حوله، ولنسبه العلوی الشریف، وهذه لیس بغریب؛ لأننا رأینا من قبل أن جمیع العلوم الإسلامیة تنتهی إلى جده علی بن أبی طالب. ومن العلوم التی نسبت إلیه مقالة فی الکیمیاء والفأل وکتاب فی الجفر أخبر عنه ابن خلدون ونسبه إلیه حیث قال: کان لهارون بن سعید العجلی کبیر الزیدیة کتاب رواه عن الإمام جعفر الصادق (علیه السلام)، دوّن فیه ماسیجری على أهل البیت عامة وعلى بعض منهم خاصة . لقد وصلت هذه العلوم إلى الإمام جعفر الصادق (علیه السلام) وبقیة الأئمة عن طریق الکشف والکرامة وهی مخصصة بالعظماء. دوّن ذلک الکتاب على جلد بقرة، وحفظ عند الإمام الصادق (علیه السلام) .
جدیر بالذکر أن جمیع الأدیان والمذاهب المعاصرة للإمام استفادت من برکة وجوده . وفی الحقیقة نستطیع أن نعتبر عصر الإمام الصادق عصر بحوث ومناظرات ومناقشات فی العلوم الإسلامیة وغیرها .
 الاتجاه العقلی للإمام الصادق (علیه السلام) من وجهة نظر أکثر العلماء کرّس لبیان المعارف العقلیة العمیقة من خلال أسلوبین، أحدهما: المناظرات والحوارات مع المادیین والزنادقة والخوارج والمعتزلة وبقیة الفرق الدینیة . والآخر: تربیة وإعداد طلاب حکماء، منهم: هشام بن الحکم ومؤمن الطاق اللذان کانا تحت توجیه وإشراف الإمام. ففی مناظرات الأول یشاهد بوضوح استفادته من الأسالیب العقلیة والأصول الفلسفیة .
کما استفاد الإمام نفسه من المنهج الذی یعتمد البرهان والإقناع وتشبیه المعقول بالمحسوس وغیرها . ومن الموضوعات التی اعتمد الإمام على المنهج العقلی لإثباتها:
الاستدلال على جود الله عن طریق الآثار وقانون العلیة .
الاستدلال على حدوث العالم عن طریق حدوث أحد أجزائه (بیض الطاووس) .
الاستدلال على وجود الصانع عن طریق بطلان تحصیل الحاصل وفاعلیة المعدوم .
بیان انحصار قدرة الله بالأمور الممکنة لا الممتنعة ذاتیاً .
بیان کیفیة غضب الله وسروره وعدم تغییر ذاته .
براهین إثبات النبوة، وحریة البشر وکونهم مختارین، وبطلان التناسخ، وعلم الله بالکائنات قبل الخلقة، وطرق معرفة الله تعالى .
 
رسا ـ ماهی خصائص الطالب المتمیز فی مدرسة الإمام الصادق (علیه السلام)، وماهی توصیاتکم لطلاب العلوم الدینیة والطلبة الجامعیین؟ 
أنا لست أهلا لتقدیم الموعظة والنصیحة لأعزائنا من طلاب العلوم الدینیة والطلبة الجامعیین، ولکن التلمذ فی مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) یحتاج إلى کفاءة لیست متوفرة لدى أی شخص . لقد أعد الإمام الصادق (علیه السلام) تلامذة علینا أن نتخذهم نموذجاً فی مجال تحصیل العلوم، حیث توجهوا برغبة عارمة نحو العلم، ونهلوا ماستطاعوا من کنوز آل محمد (صلى الله علیه وآله) .
بلغ من تخرّج فی حلقات دروس الإمام أربعة آلاف شخص وفقاً لقول الشیخ المفید (رحمه الله)، وذکر الشیخ الطوسی أنهم (3197) رجلاً و (12) امرأة . وقد أعدّ الإمام السادس (علیه السلام) برنامجه الثقافی فی محاور متعددة نظراً للإزدهار الثقافی وهجوم الأفکار الإلحادیة، من تلک المحاور: الإجابة عن مختلف الشبهات المعادیة للدین، وعقد لقاءات المناظرة، ونشر الروایات والتعالیم الإسلامیة، وتدریس تخصصات علمیة متنوعة، وتربیة وإعداد الطلبة . وسنجعل ـ إن شاء الله ـ جهودنا امتداداً للمدرسة الجعفریة الأصیلة فی مجال البحوث والتحصیل العلمی .
 
رسا ـ لماذا أطلقوا على الشیعة والإمامیة اسم الشیعة أو المذهب الجعفری؟ هل یمکن الاستنتاج أن مسیرة حرکة التشیع بنیت على محور علمی عقلی ؟             
نعم . وطبیعی أن جهود الأئمة المعصومین (علیهم السلام) فی جمیع المیادین قائمة على أسس ربانیة وعلمیة .
أما کلمة الشیعة فتستخدم لغویاً فی معنیین ، أحدهما: انسجام واتفاق اثنین أو أکثر على موضوع ما، والآخر: اقتداء شخص أو مجموعة لفرد أو مجموعة أخرى . والأصل فی اللغة العربیة بمعنى أن یکون شخص أو اثنان أو مجموعة من الاتباع والأصحاب لجهة معینة . وقد تکرر استخدام الشیعة بهذا المعنى عدّة مرّات فی القرآن الکریم، منها: {وَدَخَلَ الْمَدِینَةَ عَلَى حِینِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِیهَا رَجُلَیْنِ یَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِیعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِی مِن شِیعَتِهِ عَلَى الَّذِی مِنْ عَدُوِّهِ فَوَکَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَیْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِینٌ}[القصص: 15] و{وَإِنَّ مِن شِیعَتِهِ لَإِبْرَاهِیمَ}[الصافات:83].
کما استخدمت کلمة الشیعة فی تاریخ الإسلام بمعناها الأصلی واللغوی وأطلقت على تابعی أشخاص مختلفین، فمثلا تستخدم أحیاناً عبارة: من شیعة علی بن أبی طالب (علیه السلام)، غیر أن هذه اللفظة توصلت تدریجیاً إلى معناها الاصطلاحی، وأطلقت فقط على أصحاب الإمام علی (علیه السلام) المؤمنین بإمامته وولایته. ومع تشکل تعالیم الإمام الصادق (علیه السلام) کمذهب مستقل استخدمت عبارة مذهب الشیعة الجعفریة . وأما موضوع الإمامیة فهو طبق لحدیث رسول الله (صلى الله علیه وآله) یتعلق بالإمام علی وأبنائه الأئمة المعصومین (علیهم السلام) الذین یبلغ عددهم اثنی عشر إماماً، والاعتقاد بهم جزء من أصول الشیعة؛ ولذلک أطلقت لفظة الإمامیة .
 
رسا ـ ماهی الفوارق بنظرکم بین الجامعة الإسلامیة الحالیة والجامعة التی أسسها الإمام الصادق (علیه السلام)؟ وماهی معاییر الجامعة الإسلامیة ؟
لحسن الحظ سیزول جمیع مایدعو للخوف والقلق بجهود الأساتذة وتوجیهات العلماء وزعامة قائد الثورة الإسلامیة وبرعایة الإمام المهدی المنتظر (علیه السلام)، وبظهوره لایتبقى من الطریق شیء یذکر نحو تلک المدینة الفاضلة جامعة الإمام الصادق (علیه السلام)، على الرغم من أن الدیمقراطیة وحریة التعبیر عن الرأی فی العصر الحالی أفضل من عصر الإمام الصادق إلى حد ما؛ لأنهما فی عصر الحکام الفاجرین لبنی العباس ضیّق علیهما بشدة، وهذا مایستدعی الطلبة الجامعیین لأن یدرکوا قیمة الحریة فی القول والبحوث الإسلامیة .
وأما فیما یتعلق بشق سؤالکم الثانی: معاییر الجامعة الإسلامیة، فیمکن القول بأن الجامعة الموفقة هی من تجعل المجتمع الإنسانی یسیر بجدارة فی طریق التوحید، وتهدیه إلى الفلسفة الأصلیة من الخلقة، ألا وهی التقرب من الله تعالى .
الجامعة الإسلامیة علیها أن تشقّ سبیلها من خلال ثلاثة أبعاد: الظاهر والباطن والإنجازات . وبناء علیه یجب فی الجامعة الإسلامیة  ما یلی:
1ـ أن یکون الجو المخیم علیها جواً إسلامیاً .
2ـ أن تکون أهدافها وقیمها والخطوط العریضة لسیاساتها مستلة من الدین الإسلامی .
3ـ أن تتولى تحقیق تلک الأهداف والقیم والسیاسات، ویکون خریجوها إسلامیین، ونتاجاتها العلمیة إسلامیة، أو تصب فی خدمة الأهداف الإسلامیة .
البعد الظاهری                 
ثلاثة عناصر لها دور رئیسی فی تشکیل البعد الظاهری للجامعة، اثنان منها قائمتان على تصرف الشخص فی المجتمع . والعناصر هی:
اـ تعظیم شعائر الله تعالى
یجب أن تراعى الشعائر والمظاهر الإسلامیة فی الجامعة بنحو لو دخلها من له معرفة بالسنن والشعائر الإسلامیة لقال بإسلامیتها، بل یجب أن تعظم فیها الشعائر الإلهیة استناداً إلى آیة {وَمَن یُعظَّم شَعائِرَ اللهِ فَإنَّها مَن تَقوَی القَلوب}[الحج:32]، فلا یکفی مجرد وجود مصلى فی الجامعة، ونصب لافتات للتهنئة فی الأعیاد والتعزیة فی الشهادات؛ لأن الاقتصار على هذه الممارسات لیس من مصادیق تعظیم شعائر الله، بل ینبغی أیضاً أن تقام صلاة الجماعة، ویتردد صوت الأذان فی أرجاء الجامعة، وتقام المعارض والمراسم الخاصة بالأعیاد ومناسبات الاستشهاد وغیرها، ینبغی أن تهیمن روح التدین والاعتقاد الدینی على سلوک وطبیعة الجامعة والجامعیین .
2ـ العلاقات الاجتماعیة   
یهتم الدین الإسلامی فی المجال الاجتماعی  بتأسیس مجتمع تتحکم به الأصول الإنسانیة والقیم المعنویة، وتتبلور هذه القیم والأصول فی العلاقات الاجتماعیة لأفراده بدءاً من الأسرة حتى مساحات شاسعة من المجتمع . والأخلاق رکیزة أساسیة فی الحیاة الاجتماعیة یجب أن یشیّد السلوک الاجتماعی علیها؛ لأن القانون یعیّن الحدود التی تجب مراعاتها لکیلا یعتدى على خصوصیات الآخرین، وبناء علیه فالمجتمع المثالی الذی یرنو إلیه الإسلام هو ما تکون الأخلاق فیه محوراً أصلیاً وهو مجتمع الأغلبیة، ولیس القانون فقط قطبه الأساسی الذی ینظر إلى أقل النسب، وأحیاناً لا یراها .
3ـ خصوصیة علاقة المرأة والرجل
إن مجرد تعامل المرأة مع الرجل لیس حراماً بحد ذاته فی الدین الإسلامی، بل لوکان الهدف من العلاقة بینهما أمراً سامیاً کالتعلم مثلا فهو جائز ومطلوب أیضا . طبیعی أن جواز العلاقة لایعنی أن تلغى الحدود بینهما وتستودع الأحکام الشرعیة فی أکف النسیان .
وعلیه فکل علاقة فی إطار المعاییر الشرعیة، وفی نظر العرف والعقلاء والمتشرعین شریفة ومقبولة، فلا مانع فیها من وجهة نظر الشریعة الإسلامیة، مثلما نرى فی سیرة السیدة فاطمة الزهراء (علیها السلام) أنها کانت تتحدث مع سلمان وأبی ذر وبقیة الأصحاب، کما کانت تذهب إلى بیوت المهاجرین والأنصار مع الإمام الحسن (علیه السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله علیه وآله) للدفاع عن خلافة الإمام علی (علیه السلام) وإقامة الحجة علیهم، وکذلک خطبتها الغراء فی مسجد النبی (صلى الله علیه وآله) ومحاججتها لأبی بکر وعمر؛ أو خطبة السیدة زینب (علیها السلام) بالکوفة والشام سواء فی عامة الناس أو فی مجلس یزید وابن زیاد، فکل ما مر شواهد على جواز الحوار. وبناء علیه لاحظر فی علاقة المرأة والرجل بشرط رعایة الحدود الشرعیة، أو وفقاً لعبارة الشهید مرتضى مطهری: الإسلام یقول لاحبس ولا اختلاط ، بل الحدود .
البعد الباطنی
یمکن للجامعة فی المجتمع الإسلامی أن تقدم إنجازات إیجابیة متى ما رسمت طریق تحقق هدف الدین الإسلامی للإنسان المسلم، وهو الوصول إلى منزلة القرب من الله . ویرى النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) أن غایة ونهایة العلم هو الوصول إلى المعرفة الحقیقیة للعالم، وعلیه فالعلم الذی ینبغی أن یقدم فی الجامعة الإسلامیة هو ما یهدف إلى طلب الرفعة والسمو، ویقول بأصالة التکامل المعنوی للإنسان، وهو مانرى بحق خلوه من العالم المعاصر، فی حین أن العلوم المستوردة علمانیة توسعیة وتطل فی إطار من العقلانیة الحدیثة بوجه دنیوی محض، وهی تتعارض مع إسلامیة نظامنا، ومع الأهداف الحضاریة السامیة التی نسعى لتحقیقها .
وبناء علیه لاتکفی المحافظة على الظواهر من أجل تحقق الجامعة الإسلامیة، والمهم بالدرجة الأولى للجامعة المذکورة هو البعد الباطنی، ومضمونه أن تهیمن النظرة الإسلامیة وطبیعتها على الأشخاص، وتکون رؤیتهم للقضایا رؤیة إلهیة . 
العنصر الأساسی للجامعة هو العلم، فإذا غدا العلم إسلامیاً أصبحت الجامعة إسلامیة . وقال آیة الله الشیخ جوادی الآملی فی التعلیق على هذا الرأی: لاتتقوم أسلمة الجامعات بزج المظاهر والبرامج الإسلامیة والدینیة فی بیئاتها وأجوائها ... إن أسلمة العلوم تعتمد على إحداث تغییر جذری فی النظر إلى العلم وطبیعة وتدوین النصوص الدراسیة النموذجیة والمتطورة، وتنسیق الآراء فی المجالات المعرفیة، وعودة الطبیعیات إلى نطاق الإلهیات .
 
رسا ـ ختاماً نوجه لکم مزیداً من الشکر لتفضلکم بالإجابة عن أسئلة وکالة رسا للأنباء .            
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.