تنطلق الیوم فی أرجاء الجمهوریة الإسلامیة فی إیران فعالیة أسبوع الدفاع المقدس، والذی کرسته إیران کأسبوع للإحتفاء بذاکرة الحرب المفروضة وبملاحم الدفاع المقدس على مدى ثمان سنوات، والتی سطرها الحرس الثوری وقوات التعبئة و الجیش النظامی.
هو أسبوع لتمجید قیم الإیمان والصبر والبطولة والشهادة، وأسبوع لتخلید ذکرى الشهداء الذین تدفقوا على الجبهات ببنادقهم الخفیفة لصد الهجمة الصدامیة التی کانت فی العمق مشروعا أمریکیا لإجهاض التجربة الإسلامیة الثوریة المتمخضة عن ثورة شعبیة لا مثیل لها فی التاریخ.
هو اسبوع تعید فیه الأجیال الشابة اکتشاف الرسمال الرمزی الذی تتمیز به الثورة الإسلامیة، والذی یتمثل فی مبدأ ولایة الفقیه الذی یتأسس علیه النظام الإسلامی، وهو مفتاح الأسرار فی قدرة هذه الثورة الإسلامیة من الانتصار على مشاریع الأعداء سواء کانت حربا مفروضة او حصارا اقتصادیا او اثارة للفتن والاضطراب فی الداخل.
فالحرب حین فرضها صدام المقبور بعد تمزیقه لوثیقة اتفاقیة الجزائر الموقعة عام 1975، کانت إیران وبعد عام ونصف تقریبا من انتصار ثورتها تعیش مخاض ما بعد الثورة، تعید بناء مؤسساتها وتتخلص من ترکة نظام الشاه..وتتهیأ للإطلالة على العالم بوجهها الثوری الأصیل، ومن هنا کانت الحرب تهدیدا للثورة ودودا ومشروعا، فصدام لم یکن الا الاداة فی مشروع المستکبرین لاستعادة إیران إلى نادی حلفاء أمریکا و(إسرائیل).
فکانت الحاجة إلى قائد فذ، مؤمن وشجاع، تسد قیادته وتدبیره الفارق الهائل فی میزان القوى، قائد یستطیع أن یستثیر ویفعّل کل عناصر القوة المعنویة والمادیة الکامنة فی الشعب..فکان الإمام الخمینی(رض) الرجل الذی توجهت إلیه الأنظار وانعقدت علیه الآمال فی رفع تحدی حرب فرضت فی الزمن الهش من عمر الثورة.
یومها قال الإمام؛ الذی یشهد من عرفه عن قرب أن بصیرته کانت نورانیة، فهو کعبد فانٍ فی ربه کان یرى بنور الله؛ "هذه ید أمریکا خرجت علینا من أکمام صدام"، وعندما اندفعت دبابات صدام فی العمق الإیرانی فی الأیام الأولى من العدوان، وبلغت القلوب الحناجر لدى العدید من قادة الثورة، فآجأ الإمام المقربین منه بقولته التی تناولتها الصحف بالتحلیل سنوات قلیلة بعد ذلک؛ قال الإمام "الخیر فیما وقع". بعدها؛ والحرب مستعرة؛ صدرت الصحف بعناوین بارزة "الأبعاد الإقتصادیة لقولة الإمام –الخیر فیما وقع –"، والأبعاد العسکریة لقولة الإمام..الخیر فیما وقع".
وخلال العُشریة التی عاشها الإمام بین شعبه، وضمنها ثمان سنوات من الحرب المفروضة، کان حضوره مصیریا على جبهتی الصراع والبناء، ففی الحرب وبعد أن أفشلت إیران أهداف العدوان الإستکباری علیها، وحصلت الانعاطفة الکبرى بعد فک الحصار عن "آبادان" ومن تم تحریر مدینة "خرمشهر"، أصر الإمام على مواصلة الحرب التی اعتبرها حرب الإسلام بوجه الأعداء حتى تتم معاقبة المعتدی وتتوفر الضمانات بعدم تکرر العدوان، واستطاع الإمام وعلى إیقاع الحرب أن یحدث ثورة روحیة هائلة فی أوساط الشعب الإیرانی، وفی وسط الشباب بشکل خاص، ونجح فی أن یربطهم بالإسلام ویعزز ثقتهم فیه، وحوّل الحرب إلى مدرسة للتربیة على معانی الإعتماد على النفس، وقیم التضحیة والفداء والشهادة وحسن الظن بالله والتعلق به. وتحولت الجبهة فی عرف الشباب إلى قطعة من کربلاء، وصار العروج بالمعنى المعنوی وحتى التاریخی نحو الإمام الحسین(ع) أمرا ممکنا على وقع نداء الحسین(ع) العابر للأزمنة "ألا هل من ناصر ینصرنی"، وعبر استعادة رمزیة لکربلاء من خلال معرکة کربلاء الأولى، والثانیة ..والخامسة.
أفشل التلاحم بین الشعب وقیادته الحکیمة المتمثلة فی الإمام الخمینی(رض) أهداف العدوان، وتحولت الحرب إلى فرصة لتصلیب البناء الثوری، ولعب الحصار دوره المکمل فی تفجیر طاقات الشباب وتحفیزهم لخوض معرکة الإبداع فی وجه الحصار، وتحول الشهداء إلى نماذج فی البطولة کرمتهم الدولة بإطلاق أسماءهم على الشوارع وتقاطعات الطرق والمؤسسات والمراکز..فهم أحیاء عند الله وبین شعبهم.
وانتصرت إیران والثورة کما وعد الإمام شعبه فی أول بیان أصدره إلى الشعب بعد العدوان، وهاهی إیران الیوم قوة إقلیمیة کبرى یحسب لها الأعداء ألف حساب، وها هو قائدها الإمام الخامنئی یواصل بها المسیر نحو مواقع الریادة والقوة والإقتدار..وها هو حرسها الثوری یستعرض الیوم، الأحد، 30 صاروخاً بالستیاً من طراز "سجیل" و"قدر" یبلغ مداهما 2000 کیلومتر أثناء عرض عسکری سنوی بمناسبة "أسبوع الدفاع المقدس".
"ولله العزّة ولرسول وللمؤمنین ولکن المنافقین لا یعلمون". /9002