15 May 2014 - 23:43
رمز الخبر: 7152
پ
رسا- فی ذکرى وفاة عقیلة بنو هاشم زینب الکبرى علیها السلام، تنفتح أمامنا صفحات من التألق الإنسانی، ومع هذه النافذة للعلامة المرحوم فضل الله (بقیل من التصرف)، تعرض لمنهج التعاطی مع أنموذجیة أهل البیت علیهم السلام.
زینب(ع) النموذج الجهادی الرسالی


یقول الله تعالى فی کتابه المجید: {إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیرًا}(الأحزاب/33). نحن نحبّ أهل البیت(ع) حبّ العقل، لأنهم منحوا عقولنا عقلاً إسلامیاً جدیداً فی کلِّ ما قالوه، ونحبّهم حبّ القلب، لأنّهم جعلوا قلوبنا تنفتح على کلّ قیم المحبة للإنسان وللحق وللخیر، ونحبّهم حبّ الحیاة، لأنهم رسموا لنا من خلال أحادیثهم الخط المستقیم، الذی أراد الله تعالى للناس أن یسیروا علیه.

ونحن فی هذا الشهر، شهر رجب الحرام، نلتقی من بین المناسبات لأهل البیت(ع)، مناسبة ذکرى وفاة السیدة الطاهرة البطلة المجاهدة العالِمة، السیدة زینب بنت علیّ(ع)، التی عاشت فی أحضان أمها فاطمة الزهراء(ع)، وفی رعایة أبیها علیّ(ع)، وأخویها الحسن والحسین(ع)، فارتفعت فی مستوى عقلها وروحانیتها وشجاعتها وصلابتها وإخلاصها للحق وجهادها فی سبیل الله، إلى ما لم تبلغه امرأة أخرى إلاّ أمها السیدة الزهراء(ع).

وکانت السیدة زینب المرأة التی اختارها الإمام الحسین(ع) لتکون معه، وربما یتساءل الإنسان لماذا أرادت أن تکون معه؟! ولماذا اختار الإمام الحسین(ع) أن تکون معه؟! وهی الزوجة لابن عمها عبد الله بن جعفر (الطیار) الذی کان حیّاً فی المدینة، وهی الأم أیضاً؟!

والجواب هو أنّ الإمام الحسین(ع) أراد فی مسیرته الکبرى، أن یکون عقل زینب(ع) وقلبها وحبّها معه، ولذلک کانت تجلس إلیه لتسأله، وکان یجلس لیستمع إلیها، وکانت تتحدث معه فی مستقبل هذه الحرکة، وتنفتح فی بعض الحالات على العاطفة من خلال هذا الذوبان فی الحسین(ع)؛ لا عاطفة الخوف ولکن عاطفة الرسالة، وکانت تتحرک من خیمة إلى خیمة، وتلاحق الحسین(ع) فی کل مأساة تقع، ثم کانت قیادتها للبقیة الباقیة بعد واقعة کربلاء، وکانت شجاعتها فی موقفها ضد ابن زیاد عندما أراد أن یُجهز على الإمام علی بن الحسین(ع)، حیث وقفت وقالت له: أقتلنی قبل أن تقتله، ووبّخته: «ثکلتک أمک یا بن مرجانة»، ثم موقفها فی الکوفة وفی الشام أمام یزید الذی عنّفته وخاطبته بأقسى الکلمات.

کانت السیّدة زینب(ع) النموذج الجهادی الإنسانی الروحانی للمرأة المسلمة وللرجل المسلم، ومن المؤلم جداً أن هذه المرأة العظیمة جداً کعظمة أمها الزهراء(ع)، لیس لها منا إلاّ الدمعة، فمن منا یعرف زینب بطلة کربلاء المثقفة القویة الصامدة؟ إنهم یتحدَّثون فی عاشوراء وغیرها عن زینب المأساة، ولکنها کانت فوق المأساة وأقوى منها وأصلب، فإذا کنتم تزورون السیدة زینب(ع)، فلا تشغلوا أنفسکم بالطّواف حول ضریحها، بل قفوا وقفة تأمّل، وادرسوا زینب تلمیذة علیّ والحسن والحسین(ع)، زینب المجاهدة والعالمة والصابرة والصلبة والشجاعة، لنتعرّف النموذج الرسالی للمرأة المسلمة، ونقدّمها إلى العالم کلّه الذی لا یعرف عنها شیئاً، بل حتى إن العالم المسلم لا یعرف عن زینب(ع) الکثیر، سوى أنها "بطلة کربلاء".
 

الكلمات الرئيسة: النموذج الانساني زينب
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.