17 May 2014 - 02:05
رمز الخبر: 7157
پ
نقطة نظام:
رسا- هناک حاجة تحتم على المعرفة الدینیة الاشتغال على وفق منهج علمی یخرجها من نمط عملها التقلیدی ویحررها من مرتکزها المضمر المتوجه إلى الفرد المکلف، لیفتحها على السؤال الاجتماعی والسیاسی والاقتصادی والأخلاقی فی ابعاده المتشابکة والمتداخلة. بقلم عبدالرحیم التهامی
حوزه


فی عالمنا المعاصر تتسارع الأسئلة وتکبر التحدیات، وزادت ثورة الاتصالات من تغییر مفهومی الزمن والمکان، وبالتالی اکتسبت بعض هذه الأسئلة وبعض هذه التحدیات بعدا عالمیا او مُعولما نسبة إلى مفهومی العولمة والکونیة.
وهکذا وجدت معرفتنا الدینیة نفسها فی جدل حتمی ودائم مع قضایا العصر، ولیس الجدل بالضرورة تفاعلا إیجابیا حصریا، بل یمکن حسبان التفاعل السلبی؛ بما هو تجاهل او تهرب من اسئلة الزمن المُعولَم؛ من مؤشرات الضعف وعدم القدرة على صیاغة الأجوبة وبلورة النظریة.
وفی تقدیری المتواضع فإن التعاطی مع تحدیات العصر فی عنوانیها الکبرى من قبیل الحرب، والسلم العالمی، وحق الشعوب فی التنمیة وتقریر المصیر، وقضایا البیئة، وقضایا التسلح، والازمة الأخلاقیة، واحترام الهویات المتعددة، والإرهاب، وفلسفة القانون الدولی..لا یتم إلا وفق منهج علمی یخرج المعرفة الدینیة من نمط اشتغالها التقلیدی ویحررها من مرتکزها المضمر المتوجه إلى الفرد المکلف، لیفتحها على السؤال الاجتماعی والسیاسی والاقتصادی والأخلاقی فی ابعاده المتشابکة والمتداخلة، مما سیقود حتما وبالضرورة المعرفة الدینیة إلى تجاوز حالة التبعثر فی معطیاتها، ویسمح لها بأن تتبلور ضمن نظریات وأطروحات صلبة ومتماسکة.
وإنه لمن المؤسف ان نجد هاجس "النظریة" قد توقف نسبیا مع الشهید محمد باقر الصدر فی تجربته الرائدة کما فی کتاب "اقتصادنا"، ولم نشهد لتجربته امتدادا یعتبر مع تلامتذته المباشرین او غیر المباشرین.
بل الانکى أننا لا نجد مؤشرات على هذا التوجه التنظیری بشکل متسع فی الأوساط الدینیة والعلمیة، والتی أضحت مأخوذة بفکرة المناظرة والجدال المذهبی مع التیار السلفی اکثر من ای شیء آخر!
ولیت هذا الجدل المذهبی، إن سلمنا ببعض الحاجة إلیه؛ ارتفع الى افق تنظیری، فأدرج فی منطلقاته مفهوم التسامح، وفکرة التعددیة، ونسبیة الحقیقة المعرفیة، والعقلانیة..بل نجده غارقا فی التفاصیل والجزئیات التاریخیة والعقدیة والفقهیة، مهجوسا بتثبیت تهافت الطرف الآخر والانتصار علیه .
وبکلمة فإن العولمة افتتحت أمامنا مسالک غیر مسبوقة تغنی الأسئلة وتکثر مجالات التفکر والإجتهاد..وتسمح لنا بالحضور فی العصر على شرط النطریة الصلبة فی المضمون والمتماسکة فی المنهج.
 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.