28 February 2015 - 19:10
رمز الخبر: 9346
پ
مناورات الرسول الأعظم-9..
رسا- فأن تشتمل مناورات الرسول الأعظم (ص) فی نسختها التاسعة على "بروفة" لتحطیم حاملة طائرات أمریکیة، فهذا له دلالته السیاسیة البارزة بما یسبق کل دلالاته العسکریة..بقلم عبد الرحیم التهامی
>

 

اسدل الستار أمس الجمعة عن مناورات الرسول الاعظم (ص)-9 للحرس الثوری فی مضیق هرمز والخلیج الفارسی وذلک بمشارکة وحدات من القوة البحریة والبریة والجوفضائیة. وعلى مدى ثلاثة أیام تم استخدام الاسلحة والمعدات والتکتیکات العملانیة الحدیثة فی القطاع البحری والبری ومن على السواحل.
ففی رسالة واضحة المعالم شهد الیوم الأول من المناورات استهداف سلاح البحریة التابع للحرس الثوری مجسما یحاکی حاملة طائرات أمیرکیة فی مضیق هرمز، تم تصنیعه بحجم حقیقی (202 مترا) ، بمئات الصواریخ والقذائف التی أطلقتها عشرات الزوارق السریعة، کما تم اطلاق صاروخی کروز فائقی الدقة من مروحیة على المجسّم المماثل من حیث الابعاد لحاملة طائرات امیرکیة ما أدى الى تدمیره تماما.
وفی الیوم الاخیر تم اختبار سلاح استراتیجی جدید اضیف الى ترسانة الدفاع البحری للحرس الثوری وهو عبارة عن صاروخ ینطلق من عمق البحر، تکتم قادة الحرس عن خصائصه الفنیة وممیزاته الاستراتجیة.
فأن تشتمل مناورات الرسول الأعظم (ص) فی نسختها التاسعة على "بروفة" لتحطیم حاملة طائرات أمریکیة، فهذا له دلالته السیاسیة البارزة بما یسبق کل دلالاته العسکریة، ورسالة ذلک الأولى أن الحوار الامریکی الإیرانی بخصوص الملف النووی ینطلق من منطلق القوة والاقتدار العسکریین، ویستند إلى دور إقلیمی إیرانی متنامی یسیطر على الممرات المائیة الحیویة فی مسارات الطاقة العالمیة. والرسالة الثانیة أن الحوار الامریکی الإیرانی لا یستتبع تحولا استراتیجیا فی موقف الجمهوریة الإسلامیة من أمریکا، فهو حوار فی جوهره حوار الدیبلوماسیة التی أفسح له فی المجال فشل الحصار ومعه التلویح بالحرب بشکل مباشر او عبر الحلیفة (إسرائیل).
فالحوار الامریکی الایرانی لن یغیر من ثوابت الموقف الإیرانی الثوری إزاء أمریکا بما هی "شیطان أکبر"؛ أی بما هی دولة قائمة على الهیمنة والتوسع ومعاکسة إرادة الشعوب وإثارة الحروب، وهو حوار یتضمن إعترافا بقوة إیران وبمکانتها فی المنطقة وبفشل کل المخططات التی استهدفتها منذ قیام ثورتها الإسلامیة. وهو من الجانب الإیرانی تحصیل طبیعی لمتغیرات موازین القوى فی المنطقة، وتعاطی خلاق مع ممکنات السیاسة على قاعدة المبادئ والمصالح. وتعبیر عن تطور نوعی فی العقل الاستراتیجی الإیرانی.
فعندما تفشل الحرب، او التلویح بها فی فرض معطیات على الجغرافیا السیاسیة، فإن الدبلوماسیة تأخذ مسارها الطبیعی لإعادة صیاغة العلاقة وضبط منظومة المصالح والأوزان على قاعدة أن من صمد هو المنتصر، وأن الذی فشل فی حربه او اصطدم تکتیکه عبر التهویل بالحرب بثبات الطرف المقابل وصموده، یکون علیه تجرع هزیمته وهضم الحقائق الجدیدة عن ذلة وتقبل القواعد الجدیدة للعبة.
وعلى هذا الأساس یبدو کل الحدیث عن تطبیع إیرانی أمریکی، أو عن طیّ لصفحة العداء الثوری لأمریکا برمزیة شعار "مرک بر أمریکا" ودلالته فی تناقض الهویات..حدیث یفتقر إلى العمق والدقة والنزاهة، وهو أقرب إلى التهریج السیاسی والإعلامی.
ففی العلاقات الدولیة یمکن لأی دولة أن تتبادل جملة مصالح مع دولة أخرى فی نفس الوقت الذی تعیش فیه الدولتان معا اشتباکا سیاسیا وثقافیا وحتى أمنیا.
فأمریکا أو بالأحرى العداء لأمریکا لیس موقفا عدمیا، بل هو هویة ثورة وثقافة شعب تضرر؛ على غرار العدید من الشعوب؛ من الهیمنة الأمریکیة على بلده قبل الثورة وبعدها، وذاق مرارة السیاسات الأمریکیة التی تآمرت على إرادته واختیاراته سواء مع حرکة محمد مصدِق او مع بزوغ فجر الثورة الإسلامیة فی إیران. فهل ینسى الشعب الإیرانی الانقلاب الذی قادته وکالة الاستخبارات المرکزیة (CIA)عام 1953على حکومة مصدق؟ وهل ینسى الشعب الایرانی دور أمریکا فی العدوان الذی شنّه صدام المقبور على الجمهوریة الإسلامیة الناشئة فی عام 1980، بعد تمزیقه لاتفاقیة الجزائر، حیث وصف الإمام الخمینی(رض) العدوان البعثی على الجمهوریة الإسلامیة بقوله الذی غدا مشهورا "هذه ید أمریکا خرجت علینا من أکمام صدّام"؟
فمشهد مجسم حاملة الطائرات الأمریکیة وهی تحترق فی عرض میاه الخلیج الفارسی، هو أعظم رد على الذین یتوهمون أن إیران فی زمنها الإسلامی الثوری قد ترضى بأن تلعب دور درکی المنطقة، أو أن التفاهم مع أمریکا "نوویا" یفتتح مرحلة جدیدة فی تاریخ إیران الثورة قد یغیّر من هویتها او ثوابتها ومبادئها!
أما عن الرسالة الإقلیمیة؛ فإن المناورة هی رسالة أمن وسلام لدول المنطقة، ودلیل على أن القواعد العسکریة فی المنطقة لا مبرر لوجودها بل هی وجود استعماری یُعتبر مصدر توتر فی المنطقة، وفی هذا السیاق کان تصریح قائد الحرس الثوری اللواء محمد علی جعفری، فی کلمة بثها التلفزیون الرسمی الإیرانی، جاء فیها: "نعلن للعالم بأسره من خلال هذه المناورات استمرار قوة إیران العسکریة بحمایة أمن واستقرار البلدان المجاورة للخلیج الفارسی ومضیق هرمز، وهدف المناورات هو ردع الأعداء الذین یحاولون النفوذ إلى المنطقة من الخارج، حمایة أمن وسلام المنطقة، وهو من مصلحة کافة الدول فی المنطقة".
فی السیاق، وکما فی الرسائل والدلالات، فی الإقتدار وکما فی عناصرالقوة، هی مناورات جدیرة بحمل اسم الرسول الأعظم(ص)، ومن غریب المصادفات أنه فی الوقت الذی کانت قوات الحرس الثوری تختبر قدراتها الدفاعیة والهجومیة، وتعلن عن الجدید فی ترسانتها العسکریة المتطورة، کانت معاول "داعش" ومطارقها ومهداتها تحطم الذاکرة الإنسانیة بمتحف الموصل فی أکبر جریمة بحق التراث التاریخی والإنسانی.

 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.