تباینت ردود أفعال عدد من علماء الأزهر تجاه قرار المحکمة الروسیة فی الوقت الذی اعتبره البعض استمراراً لظاهرة الإسلاموفوبیا والعداء والمخاوف الغربیة من انتشار الإسلام. یرى آخرون أن الأقلیات والجالیات الإسلامیة فی الخارج بحاجة إلى التعایش مع دولهم والبحث عن فقه جدید للتعایش مع الأخر.
یقول الدکتور "عبدالفتاح إدریس" أستاذ الفقه المقارن بکلیة الشریعة إن الطعن على هذه الترجمة بمثل هذه الأقوال الصادرة إنما یأتی حلقة فی سلسلة معاداة الإسلام والأصل أن لکل إنسان حریة کفلتها الاتفاقات الدولیة وقوانین العالم ودساتیره فأی تعارض لترجمة معانی القرآن الکریم مع قوانین أی دولة من دول العالم ولماذا لم یصدر مثل هذا الادعاء من دول أخرى غربیة أو شرقیة أرسلت إلیها ترجمات معانی القرآن الکریم خاصة أن هذه الترجمات أرسلت إلى جمیع المراکز الإسلامیة فی دول العالم ولهذا فهی صفحة سیئة الطویة تفصح عنها هذه الدولة التی یعانی أهلها الاضطهاد والحجر على حریاتهم وأفکارهم.
ویری الدکتور زکی عثمان، الأستاذ بکلیة الدعوة الإسلامیة أن قرار حظر ترجمة القرآن یرجع إلى المخاوف الغربیة من انتشار الإسلام وأضاف قائلاً: ما هو إلا قرار محکمة فمسلمو روسیا کثیرون وهذا لا یجعل للإسلام تقهقراً وتراجعاً بل سیزید هذا الإسلام انتشاراً لأنه دین الفطرة ولابد أن یدرکوا تفکک الاتحاد السوفیتی وتحلله فعلى منظمة المؤتمر الإسلامی ومنظمة الإیسیسکو الوقوف بشموخ ضد هذا القرار المهین.
ویؤکد الدکتور حلمی عبدالرءوف، الأستاذ بجامعة الأزهر أن ترجمة معانی القرآن الکریم إن تمت عن طریق شرعی معتمد مثل مجمع البحوث الإسلامیة أو مجمع الملک فهد فلا یجوز لأحد الاعتراض علی ذلک لأن المسلمین غیر العرب أو غیر الناطقین باللغة العربیة فی حاجة ماسة إلى فهم معانی القرآن الکریم فهماً صحیحاً متماشیاً مع أحکام الشریعة الإسلامیة لیقوم هؤلاء المسلمون بتطبیق أحکام الله تعالى فی عباداتهم وفی معاملاتهم وفی أقضیتهم طبقاً لمنهج الله تعالى الذی بینه فی کتابه العزیز.
صناعة الإسلاموفوبیا
من جانبه وصف الدکتور محمد الشحات الجندی، الأمین العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامیة الاسبق القرار بأنه امتداد لظاهرة الإسلاموفوبیا وهی صورة نمطیة مسبقة عن الإسلام والمسلمین تخلق کراهیة وعداء للإسلام و المسلمین وتروجها فی المجتمعات الغربیة أجهزة الإعلام للإثارة أو التوظیف السیاسی والحرکات العنصریة والأحزاب والمنظمات الیمینیة المتطرفة بهدف تخویف الناس من زیادة عدد المسلمین فی المجتمع والتأثیرات السلبیة له وفی الوقت نفسه یساهم الإسلامیون أنفسهم فی تعضید المخاوف عن طریق العملیات الإرهابیة فی مجتمعاتهم.
وأضاف الدکتور الشحات الجندی قائلاً: أن من الأسباب التی تدفع الجهات التی تقف وراء صناعة الإسلاموفوبیا إلی مواصلة محاربتها للإسلام واستهدافه بالطعن والتشویه والإساءة إلیه والنیل منه تطرف بعض المسلمین فی الفکر والتعامل وما تشهده مناطق عدة فی العالم الإسلامی فی هذه المرحلة من انحرافات فی الممارسات واختلالات فی الفهم والاعتقاد ومن انتهاکات لحقوق الإنسان واستشراء للفساد والاستبداد مما أسهم فی تحریک المشاعر الدینیة والثقافیة بالتدلیس والتشویه.
ودعا المجتمع الدولی إلی مقاومة هذه الصناعة الخطیرة لیس فقط لأنها تستهدف الإسلام والمسلمین ولکن لأنها تسیء إلى الإنسانیة جمعاء وتحارب القیم والمثل العلیا وتتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ومع أحکام القانون الدولی وتنال من الرصید الحضاری الإسلامی الذی أسهم فی إثراء الحضارة الأوروبیة والحضور الإسلامی العریق الذی یمثله المسلمون بالأخص فی روسیا وشرق أوروبا.
فقه التعایش مع الآخر
کما طالب الجندی بضرورة احترام الأقلیات والجالیات المسلمة لنظم هذه الدول حیث تعمل علی الذوبان فیها والتعایش السلمی لها بحکم أنها الدول التی تیسر لهم سبل العیش التی لم یجدوها فی بلادهم وفی المقابل نجد أن الجالیات المسلمة تعتقد أن هناک بعض الحقوق التی لا توفرها أنظمة هذه الدول الغربیة مثل عدم السماح لهم بأداء الصلاة فی مواقیت العمل أو اعتبار بعض الأمور المباحة من الناحیة الإسلامیة الشرعیة مجرمة فی القوانین الغربیة مثل التعدد فی الزواج فإذا کانت رخصة فی ظل الشریعة الإسلامیة فإنها جریمة فی کل أنظمة الدول الغربیة وفی ظل ذلک ینبغی أن یکون هناک فقه للأقلیات المسلمة لوجودهم فی بلاد وفی ظل ظروف تختلف عن الدول الإسلامیة.
المصدر: بوابة الاهرام