21 January 2010 - 09:07
رمز الخبر: 1520
پ
آیة الله جوادی الآملی :
رسا / تقاریر ــ تطرق آیة الله جوادی الآملی فی درسه لتفسیر القرآن الکریم وفی حضور مجموعة من طلاب وفضلاء حوزة قم العلمیة إلى جذور الأحداث الأخیرة وقال : إذا برز خلاف ما فیجب العمل وفقاً للقانون الأساسی وأقوال القائد
یجب اتباع القانون الأساسی وتصریحات قائد الثورة الإسلامیة عند بروز الخلافات
نقل مراسل وکالة رسا للأنباء أن آیة الله جوادی الآملی مفسر القرآن الکریم قال فی درسه بالمسجد الأعظم وفی حضور مئات من طلاب وفضلاء حوزة قم العلمیة لدى تفسیره لبعض آیات الذکر الحکیم : قال الله تعالى أنه یقلب القلوب استناداً إلى أسس معینة ، ومن یروم أن تسکن محبته فی القلوب فلیسلم ذلک لله تعالى لأن بیده تقلیب القلوب .
وذکر بعد إشارته إلى الآیة الشریفة :«إن الذین آمنوا وعملوا الصالحات سیجعل لهم الرحمن وداً» : جرت الدنیا على أنه من کان عزیزاً لدى أمة لإلقاء الله محبته فی قلوبهم فأن سعة وضیق تلک المحبة یعتمد على مدى سعة وضیق إیمان ذلک الشخص وعمله .
وأشار آیة الله جوادی الآملی فی تفسیر الآیات مورد البحث إلى أنه لاأحد یتمکن من تغییر القلوب إلا الذات القدسیة لله تعالى ، فقد قال سبحانه فی الآیة 63 من سورة الأنفال : «ألف بین قلوبهم» وذلک لأن العدواة والبغضاء ألقت ظلالها المقیتة على مکة والحجاز منذ أمد طویل ، فألف الله بین قلوب أهل الحجاز بقدرته ، ثم قال لنبیه : «لو أنفقت ما فی الأرض جمیعاً ما ألفت بین قلوبهم ولکن الله ألف بینهم» أی لو قسمت مافی الأرض من خیرات على الناس وأردت بالمال أن توحد بینهم فلن تتمکن من ذلک .
واستطرد قائلا : لایمکن للأموال أن توحد بین صفوف مجتمع متشنج مفکک ، فی حین قال تعالى : «ولکن الله ألف بینهم» ، فلا یمکن لأحد أن یقول : باستطاعتنا الاستحواذ على القلوب ، لأن ذلک بید الذات المقدسة فقط ، وحتى رسول الله (ص) لو أراد بنثر کنوز الأرض وبالذهب والفضة أن یؤلف بینهم لما استطاع ، لأن الألفة تتحقق بالکوثر لا بالتکاثر ، والقلب من سنخ الکوثر ، ولاشیء غیر الإیمان یغیر القلوب .
ونوه فی قسم آخر من محاضرته إلى أن القرآن الکریم قابل للفهم من قبل الجمیع ، ثم قال : إذا ابتلی مجتمع بالاختلافات فیجب استقصاء جذورها ، إذ توجد ثلاثة أنواع من الاختلافات ، الأول : اختلاف علمی ، وهو بین المفکرین والعلماء ، وسواء کان هذا الاختلاف بین المنتمین إلى الحوزة أو الجامعة فهو شیء مقدس ، فبینما یرى طبیب أن إجراء عملیة جراحیة هی طریق لعلاج هذا المریض یعتقد آخر أنه لاحاجة إلى الجراحة ویمکن علاجه ببعض الأدویة ، وکذلک الأمر نفسه فی فتاوى الفقهاء وآراء الفلاسفة والحکماء ، فأمثال هذه الخلافات العلمیة شیء حسن ویمکن حله .
وفی إشارة آیة الله جوادی الآملی إلى النوع الثانی من الاختلافات قال : النوع الثانی : الاختلاف الحقوقی ، وهو اختلاف ناتج من سوء التصرف ، ویجب العمل عند وقوعه بصبر وحلم لحفظ الأمن والنظام .
وذکر هذا المفسر للقرآن الکریم النوع الثالث من الاختلافات بأنه الاختلاف فی العذاب الإلهی ووضحه قائلا : هذا النوع من الاختلاف ابتلاء من الله تعالى ، ولارافع له الا التضرع والتوجع والتهجد والبکاء لیلا .
وفی مواصلته لبیان الاختلاف على أساس العذاب الإلهی استشهد بعدة آیات من القرآن الحکیم وقال : أشار القرآن الکریم إلى هذا النوع من الاختلاف فیما یخص الیهود والمسیحیین ، فاستناداً إلى الآیة 64 من سورة المائدة قدم الله تعالى للیهود النصائح وأرسل إلیهم المعجزات بل وحتى المن والسلوى ، ولکنهم آثروا النزاع والشقاق ، وذکر تعالى أنه ترک لهم جمیع أبواب الحق مشرعة إلا أنهم سلکوا سبل الضلال ، فمن ذلک الحین ألقى بینهم التنازع إلى یوم القیامة .
وبین مایشبه هذه الحادثة فیما یتعلق بالمسیحیین وأضاف قائلا : ورد فی سورة المائدة أن الله تعالى ألقى العدواة والبغضاء بین المسیحیین ، والحل الوحید لهذا الاختلاف والعذاب الإلهی هو الأنین والتضرع ، و«اللهم أصلح کل فاسد من أمورالمسلمین» من هذا الباب .
وقال آیة الله جوادی الآملی فی قسم آخر من درس تفسیره : إن المودة فی مقابل العداوة ، لذلک قال الله تعالى فی الیهود والنصارى أنه سیلقی بینهم العداوة ، وهذا عذاب إلهی ، فثلة تعانی من المحبة ومجموعة من العدواة .
ومضى هذا المفسر القدیر فی درسه واعتبر الألفة والعدواة بید الله تعالى ولم یرهما من الأمور الاکتسابیة ، بل عدهما نوعاً من العذاب الإلهی وقال : وعلى هذا الأساس ذکر رسول الله (ص) أن أی بلاء حلّ بالیهود سیسری إلى أمته .
ثم عرّج على بحث الخوف والطمأنینة فقال : الرعب أحد عوامل انتصار المسلمین ، لأن الله تعالى ذکر أنه ألقى فی قلوبهم الرعب ، وقال الرسول (ص) : «انا منصور بالرعب» أی عندما ننزل إلى ساحة الحرب سیتسلط الرعب على قلوب الآخرین ، وقد فر کثیر من بعض المعارک عندما کانوا یعلمون أن الرایة استلمها الإمام علی (علیه السلام) .
واستناداً إلى ذلک أضاف آیة الله جوادی الآملی : ذکرت سورة الحشر أن رمز انتصار سکنة الأکواخ من المسلمین على أصحاب القصور من الیهود هو أن الله «قذف فی قلوبهم الرعب» أی إنه تعالى سلط الرعب على قلوبهم .
وبین فی مقارنة الأحداث المعاصرة للمجتمع مع الوقائع التاریخیة أن الثورة الإسلامیة تشابه ثورة الرسول (ص) ، وقد ذکر الله تعالى أنه قدر شیئاً لم یکن فی حسابات الصدیق والعدو ، وهکذا کان الأمر فی أحداث الثورة الإسلامیة ، لم یکن یتصور أی صدیق أوعدو أنها ستنتصر.
وواصل آیة الله جوادی الآملی حدیثه وقال : ذکر الله تعالى فی آیات قرآنه : أننا أول من نصرکم على الیهود ، نصرنا أصحاب الأکواخ على سکنة القصور ، ثم کثرناکم وانتصرتم فی المعارک التالیة ، ولم تظنوا أول مرة أنکم ستنتصرون ، لأنکم کنتم تظنون أنهم أقویاء من أصحاب القصور والحصون والقلاع ، کما أنهم لم یتصورا أنهم سینقلبون منهزمین ، فکان هذا النصر غیر متوقعاً لدى الصدیق والعدو .
وفی مقارنة ذلک مع الثورة الإسلامیة فی إیران تفضل قائلا : إن تلک الحادثة تشابه الثورة الإسلامیة فی إیران بدقة حیث لم یتصور أحد أن الثورة ستنتصر ، فمما یؤسف له أن نخسر الثورة ، وإذا تعرضت هذه الثورة إلى أدنى انتکاسة ــ لاسمح الله ــ فلن یحدث مایشابه ذهاب الدولة الصفویة ومجیء الزندیة والقاجاریة والبهلویة ، إذا تعرضت لإخفاق ــ معاذ الله ــ فقد ذهبت إلى الأبد , لاقدر الله مثل هذا الیوم .
وأکمل هذا المفسر البارز حدیثه فقال : یجب أن نواصل الدعاء لحفظ هذا القائد والدولة والنظام والجماهیر ، وإذا کان هناک اختلاف ما فینبغی الأخذ بمعطیات الدستور الأساسی وإرشادات السید القائد .
وعدّ آیة الله جوادی الآملی إلقاء الخوف والأمن من قبل الله تعالى وقال : فی قصة موسى (علیه السلام) قال تعالى : ألقینا على قلب أم موسى السکینة ، وقالوا لها : ضعی ابنک فی التابوت وألقیه فی الیم ، سلمیه إلینا وإنا لجاعلوه نبیاً .
واعتبر هذا المفسر أن المنشأ الأصلی للخوف والطمأنینة هی الذات الإلهیة المقدسة وأکمل محاضرته قائلا : ذکر الله تعالى أنه أحیاناً یلقی الطمأنینة , وأحیاناً یلقی المودة , وأحیاناً أخرى یبث العدواة بین الأعداء جزاء على أعمالهم ، کل هذه من الله تعالى .
واستناداً إلى الآیة 54 من سورة المائدة أضاف أستاذ البحث الخارج فی حوزة قم العلمیة : وعلى أساس هذه الآیة ، ذکر الله تعالى أنه الآن وقد حل الإسلام فإذا لم تنصروه فسیأتی الله بقوم خیر منکم . إن الدنیا لم تبلغ أجلها ، معاذ الله ، لایفکر أحد أننا إذا لم نساند الثورة فستصل إلى نهایتها ، إنها وعد إلهی ، وثقل الخسارة یقع على عاتقنا . وقد جاء أنه فی آخر الآیة وضع الرسول یده على کتف سلمان وقال : قوم هذا هم الذین یحبون الله وهو یحبهم .
فی تکملة حدیثه قال آیة الله جوادی الآملی : قال الله سبحانه وتعالى : إذا أراد شخص أن یکون محبوباً لدی فلیتبع حبیبی ، جاء هذا فی سورة آل عمران . إن حلقة الوصل بینی وبین الخلق فی إطار المحبة هو حبیبی .
وعدّ تعالیم القرآن والإسلام مستندة إلى ذلک ، وقال : وعلى هذا الأساس حتى للکفار قانون فی القرآن الکریم , وحتى إنه عین طریقة تعاملنا معهم . ووفقاً لذلک دوّن قانوننا الأساسی . إن من لایشکل تهدیداً لنا ولایتآمر علینا فالله لم ینه المسلمین عن إقامة العلاقات معهم .
ثم قال آیة الله جوادی الآملی : یجب أن نکون منشأ الخیر والبرکة أینما حللنا . وینبغی أن لایقل أحد : إنه لاعلاقة لی . وأینما یذهب الإنسان یجب أن یکون منشأ النفع والبرکة . ونحن لو لم نسر على خطى الماضین ــ لاسمح الله ــ فی هذه الثورة لعانینا من تلک العواقب أیضاً .
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.