28 May 2011 - 09:01
رمز الخبر: 3473
پ
آیة الله عیسى قاسم:
رسا/منبر الجمعة- فی خطبة الجمعة بالدراز تقدم الشیخ عیسى قاسم بتوجیه تربوی عمیق یستجیب لمتطلبات الصمود فی البحرین، وحذر من نتائج القمع والمصادرة، منتقدا بقوة حکم الإعدام الصادر بحق اثنین من الشباب.
من خطأ السیاسة أن تعتبر یوماً فاصلاً تقرر فیه ألا حریة للآخر على الإطلاق بعد الیوم

بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز القی أیة الله الشیخ عیسى قاسم خطبة الجمعة وابتدأ خطبته بروایة عن أمیر المؤمنین علیه أفضل الصلاة والسلام الدهر یومان یوم لک ویوم علیک.
وعلق سماحته: من الناس من لا صبر له على خیر أو شر، ومنهم من له صبر على الخیر وخور فی الشر، ومنهم من هو اصبر على الشر من الخیر، والدهر لا تخلو أیامه من غنى أو فقر، وصحة أو مرض، وفرح ومصیبة، ونصر أو هزیمة، وظهور أو انکماش.
وکل ذلک یحتاج إلى صبر وتحمل ومواجهة وقدرة تحفظ للإنسان عقله واتزانه، ووقاره ومنزلته، وسلامة نفسیته، وتقیه من الإنهیار والسقوط أمام ظرف الشدة والرخاء، والقوة الخارجیة والضعف، والفشل والنجاح.
مؤکدا أن: کل القوة فی الموقف الصامد أمام کل الظروف، وفی الموقف النفسی المتفوق على کل الضغوط، والإحتفاظ باحترام الذات والمبدئیة الحقة رغم کل التحولات، والبقاء على خط الغایة الإلهیة النبیلة مهما کان من أمر.
ولفت سماحته إلى انه لا یبنی الشخصیة القویة السلیمة غیر هذا المستوى من الصمود، ولا نجاح لأی تربیة ما لم تحقق مثل هذه النفسیة المقاومة، ولا یمکن لأی أمة أن تنهض بمهمات الحیاة، وأن تنتصر على کل تعقیداتها، وتبرهن على وجود قوی، وأن تثبت فی مهب الریاح ما لم تتوفر على فئة کافیة من أهل هذه النفسیة القویة والشعور.
واستطرد سماحته: الضعیف فی الرخاء والغنى والقوة، مغرور مفسد مسیء للحیاة والإنسان، مهلک لنفسه، تلعنه الأجیال.
والمهزوز فی الشدة والفقر وضیق الحال معین على نفسه، مغر لکل طامع باستسلامه، ناسٍ لذاته، ساحق لکرامته، سادٌ لباب الفرج عنه، معجل بنهایته.
وأوضح آیة الله قاسم: الإمام علیٌ علیه السلام یرید لنا أن نکون الأقویاء فی نفسیتنا، الصلاّب فی عزیمتنا، المتفوقین على کل ظروف الشدة والرخاء، الثابتین على الخط عند کل العواصف، الصامدین أمام کل محنة، الشاکرین عند کل نعمة.
وأکد سماحته: لا تجید تربیة صناعة النفسیة القویة، الصابرة، الشاکرة، الرضیة، الصلبة، المقاومة، المنتصرة، المتفوقة کما تجیدها التربیة الإسلامیة الحقیقیة، ولا یحققها شیء کما یحققها الإیمان بالله سبحانه، ولا یدفع فی اتجاهها اقتداء کما یدفع ذلک الإقتداء بأبطال الرسالة الإلهیة من مثل نوح وابراهیم وموسى وعیسى علیهم السلام، ومحمد وأهل بیته صلوات الله وسلامه علیه وعلیهم أجمعین.

على صعید آخر وفی توجیه تربوی عمیق أکد سماحته أن لکل منکرٍ حد..لافتا إلى أن أصحاب النفوس القویة یضحون بحیاتهم مختارین فی هدوء وراحة نفس من اجل مبدئهم وحریتهم وعزتهم وإیمانهم بقیمتهم الإنسانیة، وذلک عندما تکلفهم الحیاة أن یدفعوا کل ذلک ثمناً من أجل البقاء.
إذا کلفتهم الحیاة أن یدفعوا عزتهم ودینهم وکرامتهم ثمناً لها، تفلوا على الحیاة وداسوها بأرجلهم.
منتهیا إلى أن : هذا ما یفشل تکثیف الضغوط على الناس إذلالاً لهم، ومن اجل أن یتنازلوا عن إرادتهم لإرادة الغیر وکما یهوى إستغلالاً من القوی للإعتزاز بالحیاة وتقدیم البقاء من الطرف الآخر على کل المطالب. ولتصور أن ذلک یجعله یضحی بکل شیء، ویصبر على کل مذلة من اجل أن یبقی لنفسه ـ ولو اخس مستوى من الحیاة ـ وهو تصور خطأ قاتل.
وحذر سماحته: إن زیادة الضغط فی هذا المجال تولد الإنفجار الذی یأتی رد فعل حتمی فی حالتین.
فی حالة تضیق النفس بکلفة الحیاة بما یثیر فیها الرغبة بقوة للإنتحار، ومن هانت علیه حیاته هانت علیه حیاة الآخرین، ومن وصل إلى حد الإنتقام من حیاته لم یتوقف عن الإنتقام من حیاة الآخرین.
والحالة الثانیة التی تعطی النفس فیها رد فعل بالإنفجار لا عن انهیار، وإنما عن وعی وبصیرة وقوة وشجاعة، هی الحالة التی تفرض فیها المبدئیة والعزة والکرامة والنظرة الآخرویة التضحیة بالحیاة.
وواصل آیة اله قاسم: فمن خطأ السیاسة أن تعتبر یوماً فاصلاً تقرر فیه ألا حریة للآخر على الإطلاق بعد الیوم، لا اعتزاز للآخر بنفسه ولا کرامة له بعد الیوم، لا خیار للآخر فی حیاته ومصیره بعد الیوم، لا لقمة شریفة له بعد الیوم، لا فرصة علم له بعد الیوم، لا حق له على الإطلاق بعد الیوم، لا سلامة لماله ونفسه وعرضه بعد الیوم.
مشددا على أن هذا خطأ فادح، وخطر کبیر، لأنک بهذا تضع الناس فی حالة انفجار، هو انفجار تضحیة واعیة أو انتحار.
وعن حکم الاعدام بحق بعض الشباب قال سماحته: شدد الإسلام على حرمة الدم تشدیداً بالغا، وقد ثبت عند کل علماء الإسلام أن الحدود تدرأ بالشبهات، وحکم الإعدام لا حکم أغلظ منه، وأی تساهل فی القضاء به هو تساهل فی حق الدین والإنسان، والقاضی به بغیر ما أنزل الله إنما حسابه على الله سبحانه. وهو من أشد الأحکام استفزازاً للنفوس، وتحریکاً للغیرة، وکل القوانین تشدد فی إقامة حد القتل على الإنسان.
وأضاف: حق الإعدام الصادر فی حق اثنین من المواطنین، لا یمکن أن یوافق علیه أی متشرع بحسب الأجواء المحیطة، والملابسات المعاشة، والمقدمات المنظورة، والإعلام التحریضی المنتشر، ودعوات الإنتقام المثارة، وظروف السجن الخاصة، والتوتر الأمنی القائم، والتوعدات الشدیدة، وغیاب الطریق الشرعی للإثبات.
وانتهى سماحته الى تقریر أن: فالحق أن الإعتماد فی مقام التنفیذ على حکم هذه صفته وظروفه، فیه تساهل واضح بحرمة الدم فی الإسلام، وهو الشیء الذی تمنع منه الشریعة، ویحاسب علیه الله.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.