اعتبر إمام مسجد القدس بمدینة صیدا أن کل المبررات الواهیة لم تفلح لنفی أو لتبریر هذه الرسالة الآثمة... ومن حق السائل أن یسأل لماذا تسقطه هذه الرسالة؟ نقول لأن المفترض من رئیس یقدم نفسه "إسلامیا" أن یعطی للشعب نموذجا ممیزا، فإذا کان هذا الرئیس "الإسلامی" یتخلى عن مبادئه من اجل الوصول إلى السلطة، فما الذی یمیزه عن الآخرین؟ باعتبار انه بالتأکید لا یؤمن بالکلمات التی وجهها للرئیس الإسرائیلی، ولکنه یفعل ذلک بهدف دفع فاتورة ما یترتب علیه کجزء من ثمن وصوله إلى الحکم... إذن انه وصولی یستحل شعار (الغایة تبرر الوسیلة)، إذن لماذا نریده طالما انه مثل الآخرین، یکذب ویتوسل الوسائل الدنیئة، خاصة عندما تتناقض هذه الرسالة الآثمة مع موقفه التصعیدی الذی أعلن فیه قطع العلاقات مع سوریا بموقف احتفالی یشبه (تأمیم القناة)، أو الانتصار على (إسرائیل) أو تحریر الأرض!
وانه مما لا شک فیه أن ما أدى إلى سقوط مرسی هو التالی:
الأول: (والله اعلم) الحزبیة البالغة، وهذا هو الاتهام التاریخی للإخوان المسلمین، حیث یعتبرون أنفسهم ممثلین للإسلام بکل ما فی الکلمة من معنى، مما یعنی أن السعی إلى قوة الحزب وتقویة سلطته تعنی قوة الإسلام، مما یجعل الأهداف الحزبیة مقدسة، وذلک مما لا شک فیه یسبب خللا فی المجتمع ویستعدی الفئات الأخرى.
الثانی: الفارق الکبیر بین الشعارات وبین الواقع، مما یجرح مصداقیتهم ویجعلهم کذلک کالآخرین، کما ذکرنا فی المقدمة.
الثالث: الاعتماد على الخارج، انه لمن المؤکد انه قد تم اتفاق ما، بعضه نشر فی الصحف ووسائل الإعلام وتحدثت عنه کتب بالوثائق القاطعة، ومنه ما لا یزال غامضا: تفاهم بین الإخوان وأمیرکا یسهل وصولهم إلى الحکم مقابل تعهدات قاطعة بموضوع (إسرائیل) وکامب دیفید، نتیجة ذلک تم تسهیل وصول الإخوان إلى الحکم بطریقة أو بأخرى، والله اعلم، لقد تغیرت أمور منذ عام أو أکثر، فتغیر الموقف الأمیرکی وحصل ما حصل، وهذا لا یعنی أن الأکثریة التی أنتجت محمد مرسی أکثریة وهمیة، ولکن دون شک هنالک أقفال ومفاتیح بید الأمیرکی یغلقها ویفتحها عندما یرغب وتؤثر على مجریات الأمور بشکل أو بآخر.
الرابع: عدم وضوح الأولویات: عندما یصل "إسلامی" إلى الحکم فی بلد تثقله الدیون ویثقله الفساد والتخلف والجهل والمشاکل السکانیة والغذائیة والبیئیة، فضلا عن الجمود السیاسی ... الخ، من أین یفترض أن یبدأ؟ هنا مشکلة حقیقیة تدل على الفهم الحقیقی لدور الإسلام، بل لدور الحرکات الإسلامیة وأولویاتها...
فمن البدیهی أن تکون الأولویة العمل الحثیث على مشاکل الناس الحیاتیة، وهی المشاکل التی یرزح تحتها المسلم والمسیحی والمتدین والعلمانی، والذی معک والذی ضدک... ویفترض أن تکون هذه المحاولات بابا للدخول إلى قلوب الناس والتقرب إلیهم، وان یکون الهدف من ذلک إثبات قدرة الإسلامیین على فهم المجتمع ومشکلاته تمهیدا لقیادة المجتمع بشکل سلیم.
أما أن تکون الأولویة السعی إلى اسلمة القوانین وتغییر الدستور بشیء من التعالی على الآخرین والإکثار من التعیینات للحزبیین فی کثیر من المرافق وما إلى ذلک، فان کل ذلک جعل المراقب یرى کأن الإخوان اعتبروا الوصول إلى الحکم غنیمة ولیس واجبا آو تکلیفا یؤدون من خلاله الواجب تجاه الوطن والمواطنین. هنالک خلل لا شک فی الأولویات.. وبالتأکید إن هؤلاء یتغنون بعمر بن الخطاب فی خطبهم ومقالاتهم، ولکنهم لا یتخذونه مثلا ونموذجا حقیقیا وقدوة للاقتداء به والسیر على طریقته.
الخامس: الظاهر انه باختصار عندما نسی الإخوان أنهم دعاة وعملوا کحزب حاکم خسروا الکثیر مما ربحوه سابقا .
السادس: ویبقى أن نتساءل عن أمور لا نستطیع تفسیرها بسهولة، ولکنها تدل على تغیرات حقیقیة، لماذا کانت السعودیة وقطر أول المهنئین لعدلی منصور وأول المرحبین بالتغییر الجدید؟ هذا أیضا یحتاج إلى وقفة جادة حول الاعتماد على دول ترفع لواء الإسلام وتعمل بالتوجیهات الغربیة بشکل عام والأمیرکیة خاص. ولکننا فی نفس الوقت نعتمد علیها ونتکل علیها ونعتبرها مرجعیتنا، هؤلاء مستعدون للانقلاب على ای شیء مقابل مصالحهم الدنیئة./1001