02 August 2013 - 18:55
رمز الخبر: 6504
پ
رسا-کما هو العهد مع القدس الذی یتجدد فی الجمعة الأخیرة من شهر رمضان، خرجت الجموع فی إیران وفی أکثر من منطقة حیث یتمکن الأحرار من رفع الرایة ومعها الصوت الهادر بأن القدس التزام ومسؤولیة، وأن فلسطین ستظل رغم أنف المدلسین هی القضیة الأساس للأمة؛ هی عنوان وحدتها وهی جرح الکرامة الدامی ومسؤولیة التاریخ، ونداءات الواجب الدینی والأخلاقی والإنسانی.بقلم عبدالرحیم التهامی
يوم القدس العالمي

 

عندما أعلن الإمام الخمینی(رض) عن یوم القدس العالمی کان ذلک ضمن سیاق من الالتزامات تجاه قضیة فلسطین عبّر عنها الإمام الخمینی فی جملة مواقف سیاسیة و فقهیة سنوات قبل انتصار الثورة الإسلامیة المبارکة، الانتصار الذی على عظمته وتاریخیته اعتبره الإمام انتصارا منقوصا ما لم تتحرر القدس ویعود الشعب الفلسطینی من شتاته إلى أرضه وموطنه التاریخی.
لقد أدرک الإمام الخمینی أن هناک بعدا لا یقل جوهریة فی هذا الصراع الذی فرضه الإحتلال االصهیونی لأرض فلسطین، وهو النسیان، حیث جرت مراهنة متواصلة من قبل الساسة الصهاینة على أن ینسى الشعب الفلسطینی قضیته وأرضه، وتنصرف الأجیال القادمة من الشعب الفلسطینی عن حق العودة وتقریر المصیر، والقبول بالتوطین کبدیل عن التحریر.
کما کان یدرک – قدس الله نفسه الزکیة- أن العابثون من الحکام الخونة لا یترددون فی بذل المساعی والجهود لتحویل الاهتمام عن القدس، وافتعال صراعات باطلة تشغل الأمة وتستنزف طاقاتها، حتى یتم البیع؛ بیع فلسطین فی مسارات التسویة المخزیة فأراد أن تظل القدس هی عنوان المعرکة بل بوابة الکرامة للأمة وعزتها والمدخل إلى نهضتها المأمولة.
لیس یوم القدس العالمی کرنفالا سیاسیا تتردد فیه الشعارات الحماسیة ویتمسرح فیه الحلم؛ حلم التحریر والعودة، بل هو یوم الالتزام والمسؤولیة، هو یوم بنفسه معرکة ضد رهانات النسیان ومؤامرات التحویر، هو یوم الاصطفاف واختیار الموقع والهویة..بین من هم مع فلسطین وقضیتها وبین الخونة وسماسرة التسویات المذلة وأصحاب رایات الضلال ورایات الفتنة السوداء.
والیوم ؛ فی یوم القدس العالمی یمکن أن نقرأ المشهد السیاسی والثقافی، لنرى کم صرنا کأمة بعیدین عن القدس وقضیتها، فقد اجتهدت طبقة من العلماء تنسب نفسها زورا إلى الإسلام؛ فی انجاز أکبر تحویر لبوصلة الصراع واتجاهه منذ تاریخ قضیة فیما یسمى فی الأدبیات الفلسطینیة بالنکبة، وهکذا أصبحنا نسمع ومن فوق منابر مساجد الضرار أن قضیة المسلمین الأولى هی القضیة السوریة! أی اسقاط النظام السوری الممانع والداعم للقضیة الفلسطینیة، وتابعنا بمرارة الکم الهائل من الفاعلیات والمؤتمرات والمبادرات التی لا حصر لها وکلها تحت عنوان دعم "قضیة الشعب السوری"، بل رأینا وقبل أیام قلیلة مشهدا سوریالیا فی غزة، حیث نعت شرطة حرکة "حماس" وبشکل رسمی أحد (مجاهدیها) الذی لبى نداء الواجب و(استشهد) على الأراضی السوریة!
نعم نعترف أن الأمة انخدعت بکل هذه الأصوات وبهذا الضخ الإعلامی الهائل الذی یمکن أن نصفه بأکبر وأوسع عملیة غسل دماغ جماعی فی التاریخ، وانخرطت کنتیجة لذلک تحت رایات ضالة ومضللة، بل وأبانت -للأسف- عن کثیر من مواقف العداء والکراهیة تجاه محور المقاومة ممثلا فی إیران وحزب الله. وفی نفس الوقت نسجل بإعزاز أن الکثیرین فی هذه الأمة لم یشربوا من ماء الدجل ولم تنطلی علیهم الخدعة الکبرى فظلوا على بصیرة من أمرهم على قاعدة أن ما یسر (إسرائیل) وما یرضیها هو الشر، فمبدأ فتش وافحص موقف (إسرائیل) کان طریقها الأقصر لتکتشف أن الحق فی طرفه النقیض.
لقد انقلبت المعاییر وتمیعت المواقف، فیوم وقف المعزول مرسی فی مهرجانه الأخیر لیعلن قطع العلاقات مع سوریة لیس بعیدا عن سفارة (إسرائیل) فی القاهرة، ویعلن من هناک أن باب الجهاد فی سوریا مشرع أمام المصریین، وأن الجیش المصری سیقوم بواجبه فی نصرة الشعب السوری فی معرکته! أمام هذا الموقف الذی صفق له السفهاء، لم نجد کبیر استهجان تملیه مفارقة الموقف المصری وحساسیة موقعها فی الصراعات، ویدفع إلیه الوجدان البسیط.
وها هو مرسی المعزول شعبیا وثوریا؛ صاحب رسالة الخزی إلى صدیقه العظیم بیریز، والمتهم بالخیانة العظمى وغیرها من التهم، یحظى بحملة دعم واسعة وکأنه بطل قومی، فیما تتواصل الحملات المغرضة والسخیفة على السید حسن نصر الله صانع أول نصر على (إسرائیل) فی تاریخ الهزائم العربیة.
ومن هنا فیوم القدس العالمی لهذا العام یمکن اعتباره أیضا یوم فضح المتآمرین المتلبسین بالعمائم والمتجاسرین على الله والتاریخ قبل تجاسرهم على المابر، هو یوم لفضح دجالة العصر الذی سعى سعیه لینسی الأمة فی فلسطین، هو یوم العار للذین استبذلوا رایة المستضعفین الفلسطینیین برایة الضلالة السوداء افتئاتا على الله ورسوله. وهو أیضا وبالسبة للأحرار والصادقین یوم الملحمة، یوم من أیام الله یتجدد فیه العهد للقدس على التحریر، وتتمجد فیه المقاومة باعتبارها أنبل وأصدق خیار تسلکه الشعوب الحرة لافتکاک الحقوق وتحریر الأرض من العدو.
ها هو یوم القدس العالمی فی أشرف یوم وفی أشرف شهر یقیم حجته على الأمة، فالقضیة هی فلسطین، والمسؤولیة دینیة وأخلاقیة تلزم الجمیع، وکل رایة تبعِد عن القدس هی رایة ضلالة، وکل مشروع یفکک الأمة ویشتتها ویضعفها أمام معرکة فلسطین هو مشروع باطل ومتصهین.
الیوم وأمام مشهد رایات فلسطین خفاقة فی التظاهرات، وأمام صور القدس تحملها أیادی الصادقین، تبهت کل الرایات وتخسآ کلّ أصوات الخیانة.
سجل یا تاریخ أننا فی یوم القدس العالمی نرفع الصوت عالیا ونقول لمن ضل السبیل أو تاه فی دروب النفط.. فلسطین هی الوجهة والقدس هی البوصلة./9002


 

 

الكلمات الرئيسة: , , یوم القدس العالمی
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.