نقل موقع "العهد" أن المرجع الدینی الکبیر فی البحرین آیة الله الشیخ عیسى قاسم قال فی خطبة الجمعة التی ألقاها أمس فی جامع الإمام الصادق (ع) فی الدراز، "إننا أمام أزمة کلّما طال أمدُها أضرَّت بالوطن، وأَفْقَدَت التعقّل، وأنست الدّین والقیم، وما تقتضیه الأُخوّة الدّینیة والوطنیّة، وضیّقت المخرج، وضیّعت الحل، وزاد تهدیدها للجمیع بأعظم الخطر، وهو وضع لابد أن یُنَبِّه العقلاء على ضرورة الحل السریع، ولا حل فی استمرار الظلم والفساد. لا حلَّ إلَّا فی الإصلاح والعدل والاعتراف بالحقوق، وإعطاء کلّ ذی حقّ حقه، فکلُّ سالب لحقٍّ علیه أن یُرجع ما سَلَبَه إلى مستحقِّه، والشعب مسلوبُ الحق، ویسعى لاسترداد حقّه، وکلّما جاء یومٌ جدَّ أمر جدید یؤلم الشعب، ویجرح کرامته، ویستثیره، ویجعله أکثر إیماناً وإصراراً وشعوراً بضرورة الإصلاح والتغییر".
وتحت عنوان "دین وإنسانیة ووطن"، أضاف الشیخ قاسم أن "أقدس کلمة هی کلمة الدّین الإلهیّ الحقّ، وألزم حقّ هو ما ألزم الله به عباده، وللإنسانیة حقٌّ من حقّ الدّین، وللوطن حقٌّ مما یتمشّى مع حقِّه، والدّین کلمته صریحة فی حرمة دم المسلم على المسلم، واحترام إنسانیة الإنسان، وأنه لا یصحّ النیلُ من قطرة دمٍ لإنسان إلّا بسبب بیِّن تُقرّه الشریعة السماویة العادلة، وفَهْمُ الشریعة لا یُعوّل علیه ولا یکون حجّة إلّا إذا کان ممن قرَّرت الشریعة حجّیته، وفَهْمُ العوامّ وهم کلّ من لم یبلغ حدّ الفقاهة لا حجّیة له، والاعتمادُ على قول الغیر، والأخذُ به عملاً ولو کان قول فقیهٍ یحتاج إلى العدالة، وغیر العدالة، والحُکْمُ الإلهی بحرمة الدّم لا تقتصر على محکوم دون حاکم، ولا على حاکم دون محکوم. ووصف الإنسانیة وصف مشترک بینهما جمیعاً، وحقُّ الوطن فی الحفاظ على أمنه وسلامته ومصلحته وکلُّ ذلک یذهب فی مهبّ الریح إذا نُسِیَت حرمة الدماء حق ثابت على الطرفین، فالمسئولیة فی هذا المجال مشترکة من حیث کلّ مناشئها. والتفریط فی هذه المسئولیة، والتعدّی على دمِ طرف ینتهی بطبیعته إلى التعدّی على دمِ الطرف الآخر".
وتابع الشیخ قاسم "تُخطئ کلُّ الحکومات عندما تبدأ على یدها عملیة القتل لمواطنیها من غیر حقّ، وتفتح بابَ جهنَّم على کلِّ الأطراف التی من بینها هی وعلى کلِّ الوطن. وهکذا لو بدأت الشّعوب هذا العدوان، وللأسف أنّه کلّما کان تحذیر من ناصح للحکومة عن الاستهانة بحرمة الدِّماء، والقتل خارج إذن الدّین، وحتى خارج القانون کُلّما قُوبل ذلک بحمل النصیحة على التحریض والتهدید، وقُوبل بسیل من الاتهامات، ومضاعفة العداوة للناصح، ویبقى العدوان على الدّماء على مستوى الفعل وردّ الفعل مرفوضاً مُداناً مستنکَراً، وهناک أنواعٌ من المواجهة ولا تستوی کلُّها فی نوع ردّ الفعل".
وأوضح الشیخ قاسم أن "هناک عملیة احتجاجیة على ظلم، وللمطالبة بحقوق مسلوبة یقوم بها مواطنون فی بلدهم تُواجهها قوات شغب بحجّة الضبط والحفاظ على الأمن، ولا دور هنا لخروج أحد الطرفین عن الوضع السلمی والتعدّی على الطرف الآخر بقتلٍ أو جرح. ولا وجهَ على الإطلاق أن یمنع المحتجُّون عن التعبیر عن رأیهم ومطالبتهم بالحقّ ما داموا لا یعتدون على نَفْسٍ أو مال، وهذا ما تخالفه قوّات الأمن لعدد من المرات، ولازالت تُنهی مسیرات سلمیة احتجاجیة بالقوة".