إنَّ جملة "لقد ولَّى زمن الطائفیة والتحزُّب المذهبی" هو الشعار الذی بات یُسمع من قبل أکثر التیارات السیاسیة والمرشحین على أعتاب الانتخابات البرلمانیة فی العراق التی تجری فی ظروف متأزمة یعیشها هذا البلد وبعض بلدان المنطقة، مما جعل هذه الانتخابات تحوز على أهمیة أکبر، وتتطلع إلیها أنظار العالم.
إنَّ من الواضح جداً وجود التخندق السیاسی للشیعة وأهل السنة والکرد فی هذه الانتخابات، وعلى الرغم من أنَّ جمیع التیارات تؤکَّد بشدَّة على الوطنیة ووجوب الابتعاد عن النفس المذهبی والطائفی ومحاربته، إلا أنَّ قوائم الانتخابات تدل على الاختلاف بین القول والفعل لدى الساسة العراقیین.
وبالنظر لکون رئیس الجمهوریة یُنتخب على أساس آراء ثلثی البرلمان، ومن ثمَّ رئیس الوزراء والوزراء، فعلیه لا تتمکن أی کتلة لوحدها من تشکیل الحکومة؛ لذلک تضطر الکتل إلى الائتلاف مع سائر الکتل الأخرى من أجل تشکیل ما یُصطلح علیه بالحکومة الوطنیة.
إنَّ مراجع التقلید والعلماء حذَّروا مراراً من مسألة التحزُّب المذهبی والطائفی، وأکَّدوا على ضرورة وضع حدٍّ لهذه المسائل، وأنَّ التیارات السیاسیة الشیعیة أخذت بنظر الاعتبار رؤیة المرجعیة هذه؛ لکون هذه التیارات تمثل الأغلبیة التی قامت بتشکیل الحکومة فی السابق.
علماً أنَّ سماحة آیة الله السید علی السیستانی فی لقائه الأخیر مع السید مقتدى الصدر شدد على ضرورة نبذ الطائفیة وانتخاب الفرد الأصلح والأکفأ.
کما أنَّ سائر السیاسیین الشیعة طالبوا مراراً بتجنب الطائفیة فی العراق، وأنَّ نوری المالکی رئیس الوزراء ورئیس ائتلاف دولة القانون أشار إلى ضرورة مشارکة کافة التیارات والأطیاف العراقیة فی الحکومة، ورفض رفضاً قاطعاً تهمیش أهل السنة أو إبعادهم.
کما أنَّ البعض من علماء أهل السنة المعتدلین وسیاسیهم اتخذوا مواقف وطنیة أیضاً، ودعوا إلى منع أی خطر قد یهدد الوحدة الوطنیة.
أما بالنسبة لمواقف الکرد فهی واضحة أیضاً، فبالرغم من أنَّهم یعتنقون المذهب السنی ویعدون من العراقیین، إلا أنَّه لا یعیرون أهمیة لهذه المسائل، ولا یفتخرون سوى بقومیتهم الکردیة.
وعلى الرغم من وجود دعایات قائمة على أساس إمکانیة ائتلاف المجلس الأعلى الإسلامی والتیار الصدری مع الکرد والعراقیة، إلا أنَّ قادة المجلس الأعلى الإسلامی قد کذَّبوا هذه الدعایات بشدَّة، وصرَّحوا بأنَّ ائتلاف الشیعة سیتشکل من جدید بعد الانتخابات، وأنَّ رئیس الوزراء سیتم انتخابه من هذا الائتلاف أیضاً