14 May 2014 - 14:52
رمز الخبر: 7143
پ
رسا ـ إنَّ الاعتکاف کان موضع اهتمام المعصومین(ع)، حیث وردت مئات الروایات التی تتحدث عن اعتکاف رسول الله(ص)، وسائر الأنبیاء(ع)، وأحکامه وشروطه.
الاعتکاف عامل لصقل روحیة الإنسان

إنَّ بعض الروایات اعتبرت الجهاد والحج والعمرة والاعتکاف میزاناً لتقییم الأعمال، وبهذا الصدد قال رسول الله(ص): «اِعْتِکافُ عَشْرٍ فی شَهْرِ رَمَضانَ تَعْدِلُ حَجَّتَیْنِ وَ عُمْرَتَیْنِ».
وبخصوص فضیلة شهر رجب قال الإمام الصادق(ع): «إذا کانَ یَوْمَ الْقِیامَةِ نادی مُنادٍ مِنْ بَطْنانِ الْعَرْشِ أیْنَ الرَّجَبِیُّونَ؟ یَقُومُ اُناسٌ یَضیءُ وُجُوهُهُمْ لِاَهْلِ الْجَمْعِ عَلی رُؤُوسِهِمْ تیجانُ الْمُلْک وَذَکَرَ ثَواباً جَزیلاً إلى أنْ قالَ: هذا لِمَنْ صامَ مِنْ رَجَبٍ شَیْئاً وَلَوْ یَوْماً مِنْ أوَّلِهِ اَوْ وَسَطِهِ اَوْ آخِرِهِ».

الاعتکاف فی القرآن
إنَّ الآیات القرآنیة تشیر إلى أنَّ الاعتکاف کان موجوداً فی الشرائع السابقة، حیث ذکر القرآن الکریم أنَّ الله تعالى أمر النبی إبراهیم(ع) أن یطهر الکعبة للطائفین والعاکفین، کما قال تعالى: «وعهدنا إلى إبراهیم و إسماعیل أن طهرا بیتی للطائفین و العاکفین»البقرة/125.
وفی الآیة 187 من سورة البقرة أمر الله تعالى المعتکفین بالامتناع عن مباشرة النساء حال الاعتکاف، قال تعالى: «وَ لاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنتُمْ عَاکِفُونَ فِی الْمَسَاجِدِ».

الاعتکاف فی الأحادیث
روی فی کنز العمال عن رسول الله(ص) أنَّه قال: «من اعتکف إیماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».
وفی روایة أخرى: «المعتکف یعکف الذنوب ویجرى له من الأجر کأجر عامل الحسنات کلها».
ونقل العلامة الطباطبائی(رحمه الله) فی کتاب سنن النبی عن الکافی حدیثاً عن الإمام الصادق(ع) أنَّه قال: «کَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله علیه وآله إِذَا کَانَ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ اعْتَکَفَ فِی الْمَسْجِدِ وضُرِبَتْ لَه قُبَّةٌ مِنْ شَعْرٍ وشَمَّرَ الْمِئْزَرَ وطَوَى فِرَاشَه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: واعْتَزَلَ النِّسَاءَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه علیه السلام: أَمَّا اعْتِزَالُ النِّسَاءِ فَلَا».
إنَّ العلامة الطباطبائی(رحمه الله) بعد أن نقل هذه الحدیث عن الکافی، قال: قالوا إنَّ المراد من «نفی الاعتزال» تجویز معاشرتهن ومصاحبتهن ولیس نکاحهنَّ.

الاعتکاف فی الأدیان
على ضوء الآیة 125 من سورة البقرة یمکن أن نستنتج بأنَّ الاعتکاف کان موجوداً لدى الأدیان الأخرى، فهو من المناسک والعبادات فی شریعة النبی إبراهیم(ع)، وکان أتباعه یبادرون إلى هذا العمل؛ لذلک کان النبی إبراهیم وإسماعیل علیهما السلام مأمورین من قبل الله تعالى بتهیئة الأجواء لإقامة هذه المراسم، وإنَّ إیکال هذه المهمة الخطیرة لهم یدل على أهمیة بعض العبادات عند الله تعالى من قبیل الحج والاعتکاف والصلاة.
کما أنَّ النبی موسى(ع) بالرغم من مسؤولیته الجسیمة فی قیادة الأمَّة وهدایتها، إلا أنَّه ترک قومه لفترة، وعجل للقاء المحبوب من أجل أن یختلی به فی جبل طور، حیث أجاب على سؤال ربِّه کما جاء فی قوله تعالى: «وَمَا أَعْجَلَکَ عَن قَوْمِکَ یَا مُوسَى. قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِی وَعَجِلْتُ إِلَیْکَ رَبِّ لِتَرْضَى»طه/83،84.
وقد جاء فی روایات أهل السنة أنَّ هناک عملاً بعنوان الاعتکاف کان رائجاً بین الناس فی عهد الجاهلیة، حیث کان هؤلاء الناس یتقربون إلى ربهم بواسطة هذا العمل.
کما أنَّ أجداد رسول الله(ص) کانوا من أتباع الدین الحنیف، وقد نُسب لبعضهم بأنَّهم کانوا یعتکفون فی الجبال والصحاری، ویبتعدون عن الناس معتکفین، ولا یخرجون من محل اعتکافهم إلا للضرورة.
والرسول(ص) کان على الدین الحنیف أیضاً؛ أی دین إبراهیم الحنیف، وکانت من جملة الأمور المتداولة فی ذلک الدین الاعتکاف، وقبل بعثة النبی محمد(ص) کان غار حراء محل عبادته ودعائه وتهجده، وکان یعتکف النبی(ص) فی ذلک المکان، وهو یفکر فی الکون ومصیر البشریة.

أرکان الاعتکاف
إنَّ أرکان العبادة هی الأجزاء التی إذا ترکها الشخص عمداً أو سهواً بطلت عبادته، والاعتکاف له أرکان أیضاً، وهی: 1ـ النیة 2ـ الإقامة فی مسجد جامع المدینة أو المساجد الأربعة المعرفة 3ـ أن لا یقل عن ثلاثة أیام4ـ صوم المعتکف فی أیام الاعتکاف.
إنَّ اعتکاف الإنسان بحیث یبقى فی المسجد أی وقت لمدَّة لا تقل عن ثلاثة أیام جائز، وأفضل زمان لذلک شهر رمضان المبارک، لاسیما فی العشر الأواخر منه.

النصف من شعبان وأهمیة العبادة فیه
إنَّ لیلة الخامس عشر من رجب ویومه تعتبر من لیالی وأیام السنة المهمة، وعدهما العرفاء وأعلام الدین من أیام السنة الخاصة للعبادة.
وقد روی أنَّ رسول الله(ص) تحدَّث عن عظمة لیلة النصف من شعبان، وقال: «إذا کان لیلة النصف من رجب أمر الله تعالی خزان دیوان الخلائق وکتبة أعمالهم، فیقول لهم: انظروا فی دیوان عبادی وکل سیئة وجدتموها فامحوها و بدلوها حسنات».
کما أنَّ رسول الله(ص) أکَّد کثیراً على الصوم فی یوم 13، 14 و 15 من شهر رجب، بالإضافة إلى التهجد فی لیالی هذه الأیام، واعتبر للأعمال فیها ثواباً کثیراً.
ومن جملة الأعمال العبادیة فی هذه اللیالی الشریفة:
1- الغسل.
2- الإحیاء.
3- زیارة الإمام الحسین(ع)
4- صلاة ستة رکعات (بالکیفیة التی ذُکرت فی صلاة اللیلة الثالثة عشرة)
5- صلاة ثلاثین رکعة، یُقرأ فی کل رکعة بعد الحمد عشر مرات سورة التوحید.
6- صلاة أثنی عشرة رکعة، یُقرأ فی کل رکعة سورة الفاتحة، وسورة التوحید، وسورة الفلق، وسورة الناس، وآیة الکرسی، وسورة القدر أربع مرات، وبعد السلام یقول المصلی أربع مرات: الله الله ربی، لا أشرک به شیئاً ولا اتخذ من دونه ولیاً.

أعمال یوم النصف من رجب
إنَّ هذا الیوم من الأیام المبارکة، وأعماله العبادیة هی:
1- الغسل.
2- زیارة الإمام الحسین(ع).
3ـ صلاة سلمان الفارسی(رض)، وهی عشر رکعات فی کل رکعة یُقرأ بعد الحمد ثلاث مرات سورة التوحید، وثلاث مرات سورة الکافرون، وبعد کل سلام یرفع المصلی یدیه ویقول: لا إله إلا الله وحده لا شریک له، له الملک وله الحمد، یحیی ویمیت وهو حی لا یموت بیده الخیر وهو علی کل شیء قدیر، إلها أحداً، فرداً، صمداً، لم یتخذ صاحبه و لا ولداً.
4ـ صلاة أربع رکعات، وبعد السلام یرفع المصلی یدیه ویقول: اللهم یا مذل کل جبار ویا معز المؤمنین أنت کهفی...
5- عمل "أم داوود" وهو من أهم أعمال هذا الیوم الشریف.
 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.