تحدَّث الشیخ داود زارع، مدیر الشؤون الأسریة فی جامعة المصطفى العالمیة حول شخصیة الإمام الحسن المجتبى، وقال: علینا أن ننظر إلى مکانة الإمام الحسن(ع) عند رسول الله(ص)؛ لأنَّ المسلمین متى ما شاهدوا الرسول(ص) یبرز محبته لشخص ویوصی بمحبته، یکون ذلک حجة علیهم أن یطیعوه ویمتثلوا لأوامره.
واستند زارع إلى روایة عن علی(ع)، أنَّه قال: سمعت رسول(ص) یقول: (یا علی لقد أذهلنی هذان الغلامان - یعنی الحسن والحسین - أن أحب بعدهما أحداً)، وأضاف: إنَّ هذه المحبَّة هی وحی من الله أوحى به إلى نبیه(ص)، وهی محبَّة تسمو على محبَّة الجد للحفید؛ لذلک جاء فی ذیل هذه الروایة قوله(ص): (إنَّ ربی أمرنی أن أحبهما وأحب من یحبهما).
وأشار إلى علاقة الإمام الحسین(ع) بأخیه الإمام الحسن(ع) فی زمان إمامته، وقال: لم یحدث أی اختلاف بینهما طول مدَّة إمامته التی دامت 10 سنوات، وکان الإمام الحسین(ع) یمتثل لأی أمر یصدر من إمامه، ومن جانب آخر کان الإمام الحسن(ع) یبدی الاحترام لأخیه الصغیر، کما کان یبدیه لأبیه، وهذا دلیل على عظمة الإمام الحسن(ع) ومعرفته بمنزلة الإمام الحسین(ع).
ولفت سماحته إلى حدیث عن النبی(ص)، قال فیه: (لو کان العقل رجلاً لکان حسناً)، وقال: إنَّ هذا الحدیث یدل على درایة وذکاء الإمام الحسن(ع) وفطنته؛ لذلک کان یعلم أنَّ الاستمرار بالحرب لیس بصالح الإسلام، بل إنَّها تؤدی إلى القضاء على الإسلام الأصیل أیضاً.
وأکَّد زارع على أنَّ الإمام الحسن(ع) کان یواجه الظالمین ویتصدَّى لمثیری الفتن، وقال: إنَّ من أولویات الأمور التی اتخذها الإمام الحسن(ع) باعتباره قائد للمجتمع الإسلامی التصدی للأشخاص الذین یقومون بإثارة الفرقة.
ومن خلال تعرضه إلى الشبهة القائلة بأنَّ الإمام الحسن رجل صلح ولیس رجل حرب، أجاب قائلاً: إنَّ الشواهد التاریخیة تدل على أنَّ الإمام الحسن(ع) کان من أشجع رجال زمانه، وإنَّ مشارکته البطولیة فی الحروب لاسیما حرب الجمل دلیل على ذلک؛ وأردف قائلاً: إنَّ الإمام الحسن(ع) عبَّر عن صلحه مع معاویة بالقول: (إنَّ ظاهر هذا الصلح مکروه، إلا أنَّ باطنه من مصلحة المسلمین)، کما أنَّ الإمام الحسن(ع) شبَّه صلحه بما فعله الخضر(ع) عندما خرق السفینة وکان هدفه الحفاظ علیها، وکذلک الإمام کان یرید أن یحفظ الدین.
وفی معرض إجابته على السؤال التالی: لماذا لم یحارب الإمام الحسن(ع) ویستشهد على منوال شهادة أخیه الإمام الحسین(ع)؟ قال: إنَّ الإمام معصوم وقد تدارس کافة الشروط، بل حتى الأشخاص العادیین کانوا یعلمون بنتیجة ذهاب دم الإمام هدراً، فضلاً عن أنَّ الرسول والأئمة کانوا دائماً یبذلون جهودهم من أجل توعیة الناس، ولو أنَّ الإمام الحسن(ع) لم یقبل الصلح واستشهد فی القتال مع الأعداء، لما انکشفت حقیقة معاویة؛ لأنَّ معاویة کان یتحدث مع الناس بوجهین.